إن العنوان هو أول بارقة تصور طبيعة الأثر المعنون، وتقدم للمتلقي بطاقة تعريفية عنه .. لذلك قلنا إنه يجمع خيوطه ومكوناته، وعليه فلا يمكن أن نحصر العنوان استراتيجيا في فضاء معين محدود على مستوى جغرافية الأثر .. كالرأس من الجسد/الأثر أو الوجه من الرأس كما يحلو لبعضهم القول .. أو على إحدى جوانبه عن اليمين أو عن اليسار أو في الوسط أو التحت .. سواء على الغلاف الرئيس أو الغلاف الثانوي .. أو كعنوان داخلي إذا كان يتواجد على الغلاف من جهة وينتصب على رأس عمل فرعي من جهة أخرى .. أو يتصدره هو بعينه ضمن أعمال أخرى تتحالف فيما بينها لتكوين الأثر ككل بين دفتين ..
لذلك فهو يفرض علينا القيام بمجموعة من المناورات كي نتمكن من ضبط –أو على الأقل معرفة– مدى توغله في الأثر المعنون به، وإلى أي حد ينشر لمساته كعنوان فقط على عمل أو أعمال مختلفة أو متكاملة، وأين يمكن أن يظهر منها أو يختفي، وكيف يكون ذلك التجلي والخفاء .. وكيف يتناغم مع ما حوله من رسوم أو ألوان أو صور أو كتابات أو خربشات أو ما شابه ذلك .. ؟؟؟؟ خاصة وأن العنوان قد يكون وحيدا منثورة حباته في صحراء الغلاف .. وقد تحيط به كل أو بعض تلك المكونات الأخرى السالفة الذكر مما يضفي عليه دلالات وإيحاءات إضافية تسهم في إضاءته وتفكيكه وإعادة تركيبه بالشكل الذي يخول له تمرير رسالته وضبط علاقاته بمتلقيه انطلاقا من التأثير إلى التفاعل إلى القراءة إلى التحليل إلى التخييل إلى التأويل إلى التفعيل ..
إن عنوان الديوان الذي بين أيدينا والذي نقترح قراءته، له استراتيجيته الخاصة إذ يبدو جليا في إطار الفضاء الذي يحدده الغلاف، يبدو أنه عنوان مضيء يتحرك في ظلام دامس .. ويناور بضوء مكوناته الفونيمية فيما يشبه جنح الظلام .. وقد يكون مستمدا لهذا الضوء من النور الساري بين القبة المباركة والمجموعة من السواري المكونة للأقواس التي تعد بالنصر المضيء لكل جنباتها .. ويكتسب العنوان قدسيته من قدسية المسجد الأقصى، والتي يحملها من الدال والمرجع معا، وتصبح تلك العتبة عتبة مقدسة فيما تدلي به أثناء التعاطي معها .. كما يعمل هذا العنوان المعبر والمثير على الوصول إلى كل يد مسلمة مؤمنة بقضيته من خلال القاسم المشترك الذي يرمز إليه الضوء أو النور .. واختيار هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يكون اعتباطيا أو بمحض الصدفة .. أو قام دون دراية ولا إحاطة، ولا ربط علاقات = (دبلومانصية) = بينه هو باعتباره مرسلةً وبين المرسل باعتباره مرسلا ومتلقيا في الوقت نفسه من جهة، وبينه أي العنوان وبين المتلقي الآخر من جهة ثانية .. وكل هذه الأقطاب الثلاث فاعلة وبشكل كبير في وضع هذه الاستراتيجية التي قبلت بها جميع الأطراف لأنها تلبي ولو في الحد الأدنى رؤية جمالية متفق عليها سلفا بحكم الطبيعة والسليقة وبحكم التعارف الأدبي ..
ومن ثمة فإن العنوان وقع في شكله الذي بدا عليه كعتبة أولى وفي ارتباطه بما يشغل معه المساحة أو الفضاء الخارجي الذي هو الغلاف .. بدا العنوان العتبة الأولى - كما قلت- دالا على أنه اختيار مدروس ومقصود وهادف أيضا ومثير .. بحيث استطاع أن يعبر بكل قصدية عما يمكن أن يستشرفه المتلقي أو أن يستحضره بل وأن يتأوله حتى قبل أن يتصفح مداخل ومخارج الأثر الأدبي، لأنه كما يقال في المثل المغربي " الأخبار تؤخذ من باب الدار " ..
الهوامش والمراجع:
(7) نشرت هذه النبذة من حياة الشاعر على الشبكة السابقة الذكر: http://www.meshkat.net/new/contents.php?catid=12&artid=12005
(8) من مقدمة الشاعر لديوانه .. لم أتمكن من الحصول على الديوان مطبوعا فاعتمدت على النسخة الإلكترونية المنشورة على الموقع الفلسطيني وهذا هو الرابط: http://www.palestine-info.info/arabic/poems/altameme/resalh
ـ[المساوي]ــــــــ[07 - 04 - 2007, 04:54 ص]ـ
:::
[هموم الأرض في الشعر الإسلامي المعاصر]
وقفة عند العتبة الأولى لديوان الدكتور عبد الغني التميمي
قراءة في أبجديات " رسالة من المسجد الأقصى "
الأستاذ عبد الرزاق المساوي
صاحب الديوان: (7)
هو الدكتور الشاعر عبد الغني بن أحمد جبر التميمي.
- من مواليد قرية "دير نظام" قرب "رام الله" بفلسطين.
- ولد سنة 1368هـ 1947م.
- درس الابتدائية وما بعدها من مراحل بفلسطين.
¥