بالقول عن فعل وتارة كانوايفعلون ذلك على سبيل الخطابة وتارة على سبيل
الشعر فلذلك كانت المحاكاة الشعرية عندهم مقصورة على الأقاويل و الأحوال و
الذوات من حيث لها تلك الأفاعيل و الأحوال " (3)
يقول ابن سينا نهاية تلخيصه وترجمته لكتاب فن الشعر
"هذا هو تلخيص القدر الذي وجد في هذه البلاد من كتاب الشعر للمعلم الأول وقد بقى منه شطر صالح ولا يبعد أن نجتهد نحن فنبتدع في علم الشعر المطلق وفي علم الشعر بحسب عادة هذا الزمان كلاما شديد التحصيل و التفصيل " (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - فن الشعر ص 187
2 - نفس المصدر ص 188
3 - نفس المصدر ص 188
4 - نفس المصدر ص 198
(8)
النقد عند ابن رشد
يعد ابن رشد واحدا من الفلاسفة الذين ترجموا كتاب (فن الشعر)، و يعتبر أيضا الوحيد الذي اختلفت ترجمته عن باقي الترجمات والشروح، فقد لوحظ عليه سوء الفهم للمصطلحات الواردة في الكتاب، ورأى البعض أنه أخطأ في ترجمته؛ وذلك يرجع إلى تخلصه من الأمثلة التي أوردها أرسطو للنصوص الأدبية اليونانية واستبدلها بالنصوص العربية من شعر وآيات قرآنية، وهذا هو ما جعل الكثير من النقاد و الباحثين وأنا معهم أن نظن أن ترجمة ابن رشد لكتاب أرسطو عبارة عن كتاب مستقل تمتزج فيه أقوال أرسطو مع أقوال ابن رشد.
يعتبر ابن رشد المحاكاة هي العمود والأساس في المديح، وريط بين المحاكاة و التشبيه حيث قال:
"والتشبيه والمحاكاة هي مدائح الأشياء التي في غاية الفضيلة " (1)
وأن المحاكاة عنده ترادف التخييل، بمعنى أنها ستظل محصورة في نطاق الصور الحسية التي يغلب عليها التشبيه، تليه الاستعارة القائمة على التشخيص، يعدها أيضا من أنواع المحاكاة (2)
يقول ابن رشد " والأقاويل الشعرية هي الأقاويل المخيلة، وأصناف التخييل ثلاثة، اثنان بسيطان وثالث مركب منهما، أما الاثنان فأحدهما تشبيه شيء بشيء وتمثيله به، والقسم الثاني هو أن يبدل التشبيه، والصنف الثالث هو المركب من هذين (3)
وقد تأتي المحاكاة مقترنة بالتخييل، فيصبح كل منهما متمما للآخر، فيشملان معا معنى التصوير، أو ما قد يتضمن معنى التأليف الشعري عامة؛ يوحي بذلك قوله: "ويجب على الشاعر أن يلزم في تخييلاته ومحاكاته الأشياء التي جرت العادة في استعمالها في التشبيه، وألا يتعدى ذلك طريقة الشعر (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - ابن رشد، تلخيص كتاب الشعر، تحقيق محمد سليم سالم، 121
2 - ينظر المصدر السابق 122
3 - نفس المصدر
4 - نفس المصدر 112
(2)
والمحاكاة الشعرية عند ابن رشد تكون من قبل ثلاثة أشياءالوزن، واللحن، والكلام، والتخييل، والمحاكاة في الأقاويل الشعرية تكون من قبل ثلاثة أشياء: من قبل النغم المتفقة، ومن قبل الوزن، ومن قبل التشبيه نفسه وقد تجتمع هذه الثلاثة مع بعضها وهذا الذي يوجد في الموشحات و الأزجال وقد توجد كل واحد منها مفردا مثل وجود النغم في المزامير، والوزن في الرقص، والمحاكاة في اللفظ (1).
ابن رشد جعل الشعر يقوم على عنصريين مهميين جدا وهما المحاكاة و الوزن؛ ليميز بهما الشعرعن النثر، وصنع مقابلة بين التراجيديا (المأساة) اليونانية، والموشحات والأزجال الأندلسية.
وبمناسبة المقابلة التي وظفها ابن رشد بين التراجيديا اليونانية والأزجال الأندلسية، فالشيء بالشيء يذكر فلا ننسى في هذا المقام أن نذكر قضية مهمة جدا آثارت جدلا كبيرا بين النقاد و الباحثين حول كلام ابن رشد المتعلق بالأمور الطبيعية التي توجد للأمم الطبيعيين، ووصف الأمة العربية بأنها أمة غير طبيعية فهذه القضية أحتاجت إلى تأمل كبير من قبل الباحثين، فنجد مثلا محمد خلف الله أحمد طرح تساؤلا عن هذه المقولة مثله مثل كثير من النقاد أراد أن يستفسر، ويعرف ما المقصود بمقولة ابن رشد يقول:
¥