وإني لأقترح تسمية هذا العلم الجديد باسم "ما وراء العروض" metaprosody أسوة بما صنعه تلاميذ أرسطو حين جمعوا مقالاته من بعده وسموها "ما وراء الطبيعة" metaphysics بحيث يدرس فيه الطلاب كل ما لم يتناوله الخليل في عروضه، ومن ضمنه الإنشاد الذي أرجح أن يكون الخليل قد درسه في كتاب له عنوانه،النغم وكان قد ضاع من جملة ما ضاع من كتبه كلها.
ودمت عونا يا أبا يحيى وملهما لإخوانك.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[10 - 04 - 2009, 10:02 م]ـ
أستاذي الكبير / د. عمر خلوف
اسمح لي أن أخالفك الرأي هنا
ليس تقدماً بين يديك ـ معاذ الله ـ ولكنه مجرد رأي قد يكون خطأ وقد يكون صوابا
أحسب أن الشاعر الجاهلي كان أرهف حسا، وأسجح طبعا، وأصفى سليقة، وألطف ذوقا؛ من أن يرتكب ما يخل بذائقة الإيقاع. أقول ذلك وأنا على شبه يقين أن الشعر الجاهلي هو النموذج الأسمى؛ لا في البلاغة واللغة فحسب؛ بل في الإيقاع كذلك.
ولا يعني تركُ المتأخرين بعض ما عليه المتقدمون أنهم قد استدركوا عليهم وتقدموا بين يديهم. ولكن الحضارة السهلة القريبة كانت قد ألقت على المتأخرين ظلالها فآثروا قريب الإيقاع على غريبه، ومألوفه على عجيبه. وليس الغريب دائما بمذموم؛ بل إن في بعض الزحافات غير المألوفة عند القدماء ما ينفجر بالإيقاع انفجارا؛ كيف لا وللسماع عند القوم شأن أي شأن!
ولنأخذ مثالا تطبيقيا من الشعر الجاهلي:
جاء في معلقة امرئ القيس:
ترى بعر الآرام في عرصاتها * وقيعانها كأنه حبُّ فلفل
لو قرأنا البيت و الشطر الثاني خاصة قراءة عروضية بإيقاع عادي تعودت عليه آذاننا من خلال الإيقاع المطّرد لبحر الطويل لأحسسنا بشيء من الثقل؛ بخلاف ما لو تعاملنا مع البيت من خلال اللغة الجاهلية الفخمة والتصاوير المهيبة. إن اللغة والبلاغة والإيقاع والتصاوير لم تكن مرادة عند الشاعر الجاهلي لذاتها؛ بل هي وسائل لا غايات. إحساس الشاعر الجاهلي وروحه هي التي تفرض مثل هذه الأمور التي نراها نحن مستكرهة مستثقلة. فلنبحث في أنفسنا ولنتهم أذواقنا فإنما يقع اللوم علينا على كل حال.
أخي الأستاذ (أبو يحيى) ..
لرأيك عندنا كل التجلّة والاحترام ..
وما لأحد أن يدّعي القول الفصل ..
إنما هي مسألة ذوقية يدعم رأينا فيها قلة ذلك الزحاف (أو ندرته) في أشعار الجاهليين ..
وإنّ قصيدة تتجاوز أبياتها الخمسين بيتاً، لا يرد فيها مثل هذا الزحاف أكثر من مرتين إنما هو دليل قبحه، كما وصفه أئمة العلم القدماء، بدءاً بالخليل، على قرب عهده بهم.
ويبقى لتساؤلك عن كيفية إنشادهم لمثل هذه الزحافات تساؤلاً مشروعاً، مبرراً، وإن كنتُ أعتقد استحالة الوصول إلى قول فصل فيه، لانتفاء التسجيل الحي له، واختلاف اللهجات التي كانت سائدة آنذاك ..
أشكرك أخي الكريم
وأشكر لأستاذنا سليمان أبو ستة مداخلته الثرية، والتي عودنا على مثلها في جل مداخلاته ..
فبارك الله بكما، وأحسن إليكما ..
ـ[خشان خشان]ــــــــ[11 - 04 - 2009, 11:00 ص]ـ
الإخوة الأساتذة الكرام
يتكرر القول بأننا لا نعرف على وجه الدقة كيف كان العرب في جاهليتهم ينطقون الكلام أو ينشدون الشعر. ويتكرر هذا القول في اللغات الأخرى أيضا.
على أن العربية قد تميزت بحفظ القرآن الكريم لدقائق النطق والتلاوة على وجه أمّن تواصل الذائقة العربية في هذا الأمر. وحتى عندما تختلف مخارج الحروف في بعض اللهجات عن جادة اللفظ القرآني فإن هذا الفارق يكون واضحا.
إن هذا الوضوح في قوة استمرار طريقة اللفظ تسري في اللغات المتأثرة بالعربية بشكل يمكننا من معرفة طريقة إنشاد أهلها لشعرهم كما يتضح في الرابط التالي عن شعر الهوسا:
http://www.geocities.com/khashan_kh/53-about-hausa-poetry.html
فكيف باللغة العربية؟
وهنا رابط عن الأوردو قادتني إليه شجون الحديث:
http://www.geocities.com/khashan_kh/57-urdu.html
لو كان هناك فارق بين إنشاد الشعر في العصر الجاهلي وإنشادنا اليوم فإننا على الأقل لن نعدم تخيل طريقة ما لإنشاده تتلافى ما نحس به من ثقل. فهل لدى أحد الأساتذة تخيل ما لطريقة إنشاد تتلافى الثقل؟
يرعاكم الله.
ـ[ضاد]ــــــــ[11 - 04 - 2009, 11:04 ص]ـ
http://www.toarab.ws/modules.php?name=poet&file=sonic
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[11 - 04 - 2009, 12:57 م]ـ
أعيد قول التوحيدي، الذي قاله قبل ألف عام من عجمة هذا العصر، والذي أورده أستاذنا سليمان قاب ورقتين:
"والسبب في جميع ذلك أن القوم كانوا يجبرون بنغمات يستعملونها مواضع من الشعر يستوي بها الوزن. ولأننا نحن لا نعرف تلك النغمات إذا أنشدنا الشعر على السلامة لم يحسن في طباعنا".
ـ[خشان خشان]ــــــــ[11 - 04 - 2009, 03:25 م]ـ
أعيد قول التوحيدي، الذي قاله قبل ألف عام من عجمة هذا العصر، والذي أورده أستاذنا سليمان قاب ورقتين:
"والسبب في جميع ذلك أن القوم كانوا يجبرون بنغمات يستعملونها مواضع من الشعر يستوي بها الوزن. ولأننا نحن لا نعرف تلك النغمات إذا أنشدنا الشعر على السلامة لم يحسن في طباعنا".
أخي وأستاذي الكريم
لا نعرف النغمات أجل. هل يمكننا تخمينها؟
هل من المحتمل أن يتم في إنشاد البيت:
ترى بعر الآرام في عرصاتها ... وقيعانها كأنه حبُّ فلفل
كاأنّه بدل كأنه
وقي عا نها كا أنْ نهو حب فل فلي؟
الشعر النبطي يخلو من الزحاف تماما باستنثاء أول الشطر. هل لهذا علاقة بعمق تأصل الإنشاد في الطبع العربي؟
تساؤلات لا أكثر.
يرعاك الله.
¥