تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في خضم هذه الأحداث تتفاجأ داليا من أمور كثيرة وأكثرها الجدار العازل الذي جعلها مستاءة جدا من وجوده، ثم الحواجز المزروعة في كل مكان، وكيفية ارتباط مصير الركاب بجندي واحد يكفي غضبه أن يمنعك الانتقال من مكان إلى آخر!

تصل داليا إلى رام الله وتسعد بالمكوث بها وهنا تتفاجأ بأن أخاها نوئيل يعثر عليها ويعاتبها على تسللها ويبين خوفه عليها من القتل على يد المقاومين، فيطلب منها مغادرة البلاد إلى كندا، تشعر داليا بالاستياء وبأنها ملفوظة من أهالي المدن وتعد العدة للعودة إلى كندا، وبالفعل تسافر إلى كندا وفي طريق العودة وهي في الطائرة تسمع وشاوش تخبرها بأن هناك من ينوي أن يدمر مدينة القدس القديمة ويستبدل بها غيرها، مدينة أخرى وسكان غرباء عمالقة، جشعون وبشعون في نفس الوقت،فتصرخ بأعلى صوتها قائلة: "ال ق د س س س س".

الراوية:

الراوية امرأة في عقدها الخامس، عربية الأصل، يهودية الديانة، والدها عربي من عكا، رجل مقاوم، وأمها امرأة يهودية، ترعرعت في صغرها مع اليهود أهل أمها بعد سجن أبيها، وتزوجت من رجل دين يهودي، ثم طلقت منه.

الراوية امرأة واقعية متحررة تعشق الرجال، وتلبس الثياب، وتشرب الخمر، وهي مع ذلك شخصية طيبة ذات إحساس وشعور، لا تكره دون سبب، تحب الخير، ويحبها من حولها، وهي تحب الحياة وتجد في الديانات عائقا أمام تواصل الناس وسعادتهم، وهي ترى في رجال الدين اليهود نموذجا للتخلف والتكلف، ويظهر كذلك من خلال بعض الألفاظ التي قد تبين طبيعة الشخصية الحقيقية للكاتب، ويُستبعد أن تكون شخصية إسلامية، لأن بعض الألفاظ في الرواية يأبى التلفظ بها أو كتابتها كاتب ذو منهج إسلامي مع العلم أنها لم تتعرض للدين الإسلامي بسوء، بل إن جُلَّ تعبيراتها السلبية عن الدين كانت في سياق ذكر رجال الدين اليهود وزوجها المتدين، وهذه الألفاظ مثل:" مسكين أنت يا الله" [1]، " الله يتأخر" [2]، " وبما أني إحدى بنات الرب" [3]،"لكني لا أريد أن أكون امرأة تحت قيود التسميات الدينية"،" الدين أرَقُنا الوحيد في عصر الواحد والعشرين" [4]

ويبدو من خلال الراوية أن هذه النظرة إلى الأديان ناجمة عن كرهها لزوجها اليهودي المتدين الذي لا تلبث أن تسخر منه ومن جنته وناره [5]، ومن لباسه، وتسخر من مدرسته الدينية، وأن الدين عنده مجرد شكل دون محتوى،فهي - إن صح التعبير - حاقدة على رجال الدين اليهود لأنها لم تظهرهم بصورة إيجابية واحدة.

ومن خلال الرواية فإن الراوية فاقدة للهوية، تجد نفسها بلا كيان، تلفظها المدن، بل هي نفسها تحتار في انتمائها، فلا تستطيع المعرفة، فهي تقول:"فإن سئلت من أكون؟ فماذا سأقول؟ هل سأقول أنا فلسطينية، أم فلسطينية من الضفة الغربية، أو أقول فلسطينية من ال48، هذا إن لم يسألوني إن كنت من حماس أو الجهاد! وربما هناك من يحب أن يدعوني الإسرائيلية، ثم إن سئلت عن ديني، هل أقول أنا يهودية، أم مسلمة، أم مسيحية،وإن قلت أنا كندية، هل سأرتاح من كل هذا؟ ....... (من أكون)؟ " [6]. " أنا بلا كيان" [7]، لكنها في نفس الوقت تجد في فلسطين وطنا عزيزا غاليا عليها.

وهناك إشارة من قبل الراوية توافق مذهب اليساريين من حيث النظرة إلى أصحاب السلطة واستغلالهم غيرهم في المجتمع، فهي تقول:" محكوم علينا أن نكون كما يريد السلطويون وأصحاب السيادة، لا نملك سيادة أنفسنا، نحن لا شيء". [8]

والراوية لم تكن وحيدة في التعبير عن شخصياتها، بل تركت المجال أمام شخصياتها أيضا لتعبر عن نفسها [9]، وكانت أحيانا تعمل على التعبير عن شخصياتها بعبارات قصيرة ثم تترك المجال أمام الشخصيات عينها تتحدث عن طريق الحوار الجاري بين طرفين أو أكثر. أي أنها لم تعبر عن نفسها فقط بل عبرت عن غيرها وتركت غيرها يعبر عن نفسه، وأنا أعني بالشخصيات هنا العربية واليهودية أيضا.

الشخصيات اليهودية في الرواية:

تحفل الرواية بالعديد من الشخصيات اليهودية، وتبين نماذج مختلفة لليهود وذلك على النحو الآتي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير