تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأولى: القرآن الكريم:

قال تعالى: ((أنْ دعَوا للرحمنِ ولدًا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدًا)) [مريم: 91، 92] أي: وما يمكنُ في حقِّه، ولا يسوغُ لو طلبتم له ذلك. وهي تحتملُ الإطلاقَ الحقيقيَّ، والمجازيَّ. وكانَ الصوابَ على لازمِ كلامِ بعضِ جُهَّالِ هذا الزمانِ أن يقالَ: (وينبغي للرحمن ألا يتخذ ولدًا) فيفسد معنى كتاب الله تعالى!

وقالَ: ((وما علمناه الشعرَ وما ينبغِي له)) [ياسين: 69] أي: وما ينقاد له، ولا يمكنه لو طلبَه. يحتمل الحقيقةَ والمجازَ.

وقالَ: ((لا الشمس ينبغي لها أن تدركَ القمرَ)) [ياسين: 40] أي لا يمكنها ذلك. معناه حقيقي.

وقالَ: ((وما تنزَّلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما يستطيعونَ)) [الشعراء: 210، 211]. بيَّن في هذه الآيةَ معناها بما بعدها. وهو معنًى حقيقيٌّ.

وقال: ((ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياءَ)) [الفرقان: 18] أي: ما يسوغ، ولا يليقُ، ولا يمكن. مجازيّ.

وقال: ((وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدي)) [صاد: 35] أي: لا يمكن. معناه حقيقيّ.

الثانية: الحديث الشريف:

قالَ صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي عند نبيٍّ تنازع) [متفقٌ عليه]. معناه مجازيّ.

وقال عن الله تعالى: (يشتِمني ابنُ آدم، وما ينبغي له أن يشتِمَني) [رواه البخاريُّ]. معناه مجازيّ.

وقال: (لا ينبغي لعبدٍ أن يقولَ: أنا خيرٌ من يونسَ بنِ متَّى) [متفقٌ عليه]. مجازيّ.

وقالَ: (لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي) [رواه مسلمٌ]. لعلَّ إطلاقَه حقيقيّ؛ أي: لا يستطيعُ.

والأحاديث في ذلك لا تُحصَى!

الثالثة: الشعر:

قالت زينب بنت فروة التميمية (جاهلية)، ويروى لليلى الأخيلية (أموية):

لنا صاحبٌ لا ينبغي أن نخونَه ** وأنتَ لأخرى صاحبٌ وخليلُ

وقالَ ورقة بن نوفل (مخضرم):

مسخَّرٌ كلُّ مَن تحت السماء له ** لا ينبغي أن يناوي ملكَه أحدُ

وقالَ جرير (أمويّ):

ما ينبغي للمسلمين ذمُّهُ

الرابعة: كلام العلماءِ:

وليس بحجةٍ إذا كانوا في غير زمن الاحتجاجِ؛ ولكنه مما يستأنسُ به؛ ولا سيما إذا كثُروا:

قالَ ابنُ المقفَّع في كليلة ودمنة: (لا ينبغي لأحدٍ أن يخاطرَ بنفسه وهو يستطيع غير ذلك).

وقالَ في الأدب الصغير: (لا ينبغي للمرء أن يعتدَّ بعلمِه ورأيِه ما لم يذاكره ذوو الألباب).

وقالَ الجاحظ في الحيوانِ: (فلا ينبغي لنا أيضًا أن نأخذ في هذا البابِ ... ).

وقالَ في البيان والتبيين: (وكما لا ينبغي أن يكونَ اللفظ عاميًّا، وساقطًا سوقيًّا ... ).

وقالَ المبرد في الكاملِ: (ولا ينبغي على حكم الإسلام أن يكونَ هذا مستعملاً ... ).

وقال الصولي في أدب الكتاب: (ولا ينبغي لمن رفعته حالٌ ... ).

وقال ابن الأثير في المثل السائر: (ومع هذا فلا ينبغي لصاحب هذه الصناعة ... ).

وقال أبو العلاء المعري في الصاهل والشاحج: (فمثل هذا الحديث لا ينبغي أن يلتفتَ إليه).

وفي نهجِ البلاغةِ المنسوبِ لعليٍّ رضي الله عنه: (ولا ينبغي لي أن أدع الجندَ والمِصرَ).

والأمثلة لذلك مما لا يحيطُ به الذكرُ. وما إن أرى بعد كلام الله تعالى ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم كلامًا.

المسئلة الرابعة: في حكمِ قولِ (ينبغي) بالإثباتِ:

تقدمَ الكلامُ على (لا ينبغي) بالنفي مفصَّلاً.

والكلامَ في ما ها هنا على (ينبغي) بالإثباتِ، كقولِك: (ينبغي للمسلمِ أن يتقيَ ربَّه).

فنقولُ:

إنا بيَّنا أن معنى (ينبغي) الحقيقي هو (يمكن ويجوز ويتيسَّر). واستعمالُها بالإثباتِ على أربعةِ أضربٍ:

الأول: استعمال على جهة الحقيقة؛ ومعناه: (يجوزُ ويمكنُ) أو (ربما) أو (لعلَّه). ومنه قولُ الجاحظِ في الحيوانِ: (ينبغي أن يكون قد نزعت بك حاجة؛ فإن شئتَ فأقم بمكانك شهرًا أو شهرينِ)، وقالَ: (وقد كان ينبغي في قياسكُمْ هذا لو قال: حُرِّمت عَلَيْكُمُ الميتَةُ والدَّم وشَحْم الخنزير، أن تحرِّموا الشحم، وإنَّما ذكر اللَّحم، فلِمَ حرّمتم الشحم؛ وما بالُكُمْ تحرِّمونَ الشّحم عند ذكْر غيرِ الشّحم؛ فهلاّ حرَّمتم اللَّحم بالكتاب، وحرَّمتم ما سِواه بالخبر الذي لا يُدْفَع؟).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير