وقال مالك: " إياكم والبدع! " فقيل: يا أبا عبد الله، وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، لا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان.
وقال الشافعي: " لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء، والله ما توهمته قط، ولأن يبتلى المرء بما نهى الله عنه، خلا الشرك بالله، خير له من أن يبتلي بالكلام". ومن طالع تفسير الرازي يجد صدق كلام الشافعي.
ومذهب أحمد في ذلك مشهور.
وقال إبراهيم الخواص: " ما كانت زندقة ولا كفر ولا بدعة، ولا جرأة في الدين إلا من قبل الكلام والجدل والمراء"، يعني الذي عرف به أهل الكلام.
وقال القرطبي: " أفضى الكلام بكثير من أهله إلى الشك، وببعضهم إلى الإلحاد، وببعضهم إلى التهاون بوظائف العبادات، وسبب ذلك إعراضهم عن نصوص الشرع، وتطلبهم حقائق الأمور من غيره، وليس في قوة العقل ما يدرك ما في نصوص الشرع من الحكم التي استأثر بها".
وقال أبو المعالي الجويني في آخر حياته (وهو من كبار علماء الأشاعرة): " يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به". وقال عند موته: " لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن، فإن لم يتداركني ربي برحمته، فالويل لابن الجويني، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي".
وقال تلميذ الفخر الرازي- (صاحب التفسير) -، المدعو بـ (الخسرو شاهي) لما سئل: ما تعتقد؟ قال: ما يعتقده المسلمون. فقيل له: وأنت منشرح الصدر لذلك مستيقن به؟ قال: نعم، ثم قال: " اشكر الله على هذه النعمة، ولكني، والله ما أدري ما أعتقد، والله ما أدري ما أعتقد! وبكى حتى أخضل لحيته".
وقال شيخه الرازي: " ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا". ومن تأمل تفسيره وجده يكثر من ذلك.
وروي عن الغزالي عند الموت، أنه قال: " أكثر الناس شكا عند الموت أهل الكلام".
ـ[أبو بشر]ــــــــ[26 - 06 - 2006, 10:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتعجب من أمر بعض أعضاء هذا المنتدى: ينكرون وقوع المجاز في اللغة العربية ككل في حالة أن كلامهم حافل به.
هذه عبارات اقتطفتها وانتخبتها من ردود الأخت معالي والأخ عنقود الزواهر والأخ الربيع الأول هنا حول مناقشتهم لموضوع إغلاق منتدى البلاغة. كل عبارة من العبارات التالية لا تخلو من مجاز.
(التاريخ يشهد)
(محاربة الحديث الآحاد)
(إغلاق هذا الباب)
(طرحوا آراءهم وأفكارهم)
(برداء من الحيلة والدهاء)
(فإنما أردنا نصرة الحق وإعلاء رايته وقمع الآراء المخالفة)
(وأن يقولوا لهم الحقيقة وإن أخفيت وأجلت فإنها لابد أن تظهر وتطفو على السطح)
(فلو كانوا يعقلون لعملوا على اجتثاث الخلاف من أصوله)
(إن معرفة مواطن الخلل وتصحيحه هي سلامة في البناء وصلابة في القاعدة)
(إذاً لابد من فتح باب الحوار)
( ... لتصب كل الخيرات في مجرى الحياة الإسلامية وتسد كل الثغرات)
(بل إن المنهج القرآني والتدريب النبوي اللذين صاغا الجيل الرباني)
(إن حراسة القضية الإسلامية وبناء قاعدة المجتمع الإسلامي الصلبة)
(لقد كان منهج المحدثين الذين اخذوا على عاتقهم بتوفيق الله لهم القيام بالدفاع عن السنن)
(حيث لا يتطرق الشك إلى إخلاصهم)
سمُّوه ما تشاؤون: أسلوباً من أساليب اللغة أو لفظاً مقيداً (بقيد هو عين القرينة) أو أو ... فهو مجاز عندي. إن المجاز صار حقيقة من حقائق اللغة والحوار بين البشر. فالمجاز ما هو إلا أن نستعير ونأخذ من مجال ونستعمله في مجال آخر لما بين المجالين من علاقة ما أو بعبارة أخرى قياس مجال في حياتنا على مجال آخر وقد يكون الغرض منه تقريب فكرة إلى فهم السامع أو القارئ (أي المتلقي).
فإثبات التأريخ مثل شهادة شاعد
وإنكار الأحاديث الآحاد بشدة مثل محاربة عدو في المعركة
وإنهاء مناقشة موضوع مثل إغلاق باب بيت
وإظهار رأي أمام الناس مثل طرح شيء أمامهم
والتخلق بالحيلة والدهاء مثل لبس رداء
¥