تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تجري بأعيننا] ".

وقد علق ابن القيم على هذا القول فقال: " فهذا الأشعري والناس قبله وبعده ومعه لم يفهموا من الأعين أعينا كثيرة على وجه ولم يفهموا من الأيدي أيديا كثيرة على شق واحد حتى جاء هذا الجهمي فعضه القرآن وادعى أن هذا ظاهره وإنما قصد هذا وأمثاله التشنيع على من بدعه وضلله من أهل السنة والحديث وهذا شأن الجهمية في القديم والحديث وهم بهذا الصنيع على الله ورسوله وكتابه يشنعون، [وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون] ".

ثم قال ابن القيم: " فما ذنب أهل السنة والحديث إذا نطقوا بما نطقت به النصوص وأمسكوا عما أمسكت عنه ووصفوا الله بما وصف به نفسه ووصفه رسوله، وردوا تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين الذين عقدوا ألوية الفتنة وأطلقوا أعنة المحنة، وقالوا: على الله وفي الله بغير علم فردوا باطلهم وبينوا زيفهم وكشفوا إفكهم ونافحوا عن الله ورسوله!!؟ ".

قال عنقود: وقد خالف الأشاعرة ما ذهب إليه شيخهم، في آخر أمره، تحت دعوى المجاز والتحريف لآيات القرآن، ورد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

قال العلامة الشنقيطي، معلقا على قول أبي الحسن: " هذا لفظ أبي الحسن الأشعري رحمه الله في آخر مصنفاته وهو كتاب الإبانة عن أصول الديانة، وتراه صرح رحمه الله بأن تأويل الاستواء بالاستيلاء هو قول المعتزلة والجهمية والحرورية لا قول أحد من أهل السنة وأقام البراهين الواضحة على بطلان ذلك، فليعلم مؤولو الاستواء بالاستيلاء أن سلفه في ذلك المعتزلة والجهمية والحرورية لا أبو الحسن الأشعري رحمه الله ولا أحد من السلف".

وقال أبو الحسن الأشعري: " ويقال لهم: لم أنكرتم أن يكون الله عز وجل عني بقوله: [يَدَى]، يدين ليستا نعمتين؟ فإن قالوا: لأن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة، قيل لهم: ولم قضيتم أن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة؟، فإن رجوعنا إلى شاهدنا وإلى ما نجده فيما بيننا من الخلق، فقالوا: اليد إذا لم تكن نعمة في الشاهد لم تكن إلا جارحة، قيل لهم: إن عملتم على الشاهد وقضيتم به على الله عز وجل فكذلك لم نجد حياً من الخلق إلا جسماً لحماً ودماً فاقضوا بذلك على الله عز وجل، وإلا فأنتم لقولكم متأولون ولاعتلالكم ناقضون، وإن أثبتم حياً لا كالأحياء منا، فلم أنكرتم أن تكون اليدان اللتان أخبر الله عز وجل عنهما يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا كالأيدي، وكذلك يقال لهم: لم تجدوا مدبراً حكيماً إلا إنساناً ثم أثبتم أن للدنيا مدبراً حكيماً ليس كالإنسان وخالفتم الشاهد ونقضتم اعتلالكم، فلا تمنعوا من إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين من أجل أن ذلك خلاف الشاهد".

وقد علق الشنقيطي على ذلك بقوله: " وبه تعلم أن الأشعري -رحمه الله- يعتقد أن الصفات التي أنكرها المؤولون كصفة اليد من جملة صفات المعاني كالحياة ونحوها وأنه لا فرق ألبتة بين صفة اليد وصفة الحياة فما اتصف الله به من جميع ذلك فهو منزه عن مشابهة ما اتصف به الخلق منه، واللازم لمن شبه في بعض الصفات ونزه في بعضها أن يشبه في جميعها أو ينزه في جميعها كما قاله الأشعري".

وقال: " أما ادعاء ظهور التشبيه في بعضها دون بعض فلا وجه له بحال من الأحوال لأن الموصوف بها واحد وهو منزه عن مشابهة صفات خلقه".

وما نقله أخي جمال عن ابن كثير، ليس فيه تأويل صفة اليد، بل رد اتهام اليهود لله بالبخل، أخزاهم الله. ولذا، نقل ابن كثير قول ابن عباس في تفسير قوله: " مغلولة وهو قوله: " لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة، ولكن يقولون: بخيل"، فانظر كيف أثبت لله يدا، ولم يصفها أو يكيفها، فهذا مذهب السلف، ولو كانت اليد بمعنى القدرة، لقال: إن قدرة الله موثقة!!!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير