تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عنقود الزواهر]ــــــــ[26 - 06 - 2006, 11:48 م]ـ

قال أخي جمال: " وهو موقف الغالبية العظمى من علماء هذه الأمة"، والحق لا يعرف بالكثرة، فقد كانت قريش على ضلال، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مكث فيهم يدعوهم عدة سنوات، وكانوا أكثر عددا من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، في مكة.

وقد بين الله سبحانه أن أهل الحق قلة، وجعل ذلك من سننه الكونية، وبين ذلك نبيه صلى الله عليه وسلم، بل قال: "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد ... " أخرجه مسلم، فالحديث يدل على قلة أتباع الأنبياء. وانظر في قوله صلى الله عليه وسلم: " وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"، وفي رواية: " كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة"، وقد صحح وحسن هذا الحديث جمع من أهل العلم، منهم: ابن حجر.

وقول أخي جمال: " وعلى رأسهم ائمة الحديث من أبن حجر العسقلاني إلى الكتّاني إلى النووي إلى البيهقي"، فرار من ذكر الصحابة والتابعين، فنحن ننشد مذهب الصحابة والتابعين في فهم النصوص الشرعية، وأما ما وقع لابن حجر-رحمه الله- وغيره، فقد أجبت عنه في تعليق سابق، وبينت أن كلامي في المنظرين من الأشاعرة، وفيما يتعلق بتحريفهم صفات الله، تحت دعوى المجاز، كتفسيرهم الاستواء بالاستيلاء، فرار من دعوى الجهة، التي نقلها المعتزلة والأشاعرة من كتب اليونان إلى كتب العقيدة، وقد اختلفوا اختلافا كثيرا في تعريف الحيز والجسم والمكان، واضطربوا في ذلك، ومن طالع مواقف العضد، وحواشيه، والعقائد النسفية وحواشيها قال، كما قال الشافعي: " لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء، والله ما توهمته قط، ولأن يبتلى المرء بما نهى الله عنه، خلا الشرك بالله، خير له من أن يبتلي بالكلام".

قول أخي جمال: "موقفنا تجاه قضية الصفات هو موقف تنزيه الله عن الجهة والمكان والأعضاء" هذه المصطلحات، هل ذكرها الصحابة والتابعون، أم هي من خزعبلات فلاسفة اليونان وابن سيناء الباطني، وصاحبه الفارابي، وغيرهما؟. ولا أخفي أخي جمال أنني قد طالعت كثيرا من كتب الحديث، وأقوال الصحابة، والتابعين، فلم أجد أحدا منهم تحدث عن الجوهر والعرض والحيز والجهة. وأهل الكلام وتحريف النصوص الشرعية قاسوا الغائب على الشاهد، وهذا قصور كبير في الفهم والإدراك، فالغائب في عالم محالات العقول ومحاراتها لا يجوز أن يقاس على ما وقع في مدارك العقول، والعقلاء، عند التأمل يدركون تمام الإدراك أن للعقل البشري قدرة محدودة لا يجاوزها، فلماذا لم يدع أصحاب الفلسفة اليونانية والمنطق اليوناني، ما يتعلق بذلك العالم؛ لقصور العقول عن إدراكه؟

وأقسم بالله أن الأمر واضح للمتأمل، وأن طريقة القرآن واضحة، وفهم الصحابة له قد نقل إلينا، فيما يعلم بالتفسير بالمأثور، ومع هذا وجدنا القوم يردون حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم تحت دعوى المجاز والظن، وغيرهما من مصطلحات زينون وأرسطوا وإفلاطون، وغيرهم ممن أضلهم الله، ووجدنا القوم قد تنكبوا طريق الحق، وأعرضوا عن الحديث والأثر، وفتحوا للمستشرقين المجال في الطعن في سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وفتحوا للحداثيين وأتباع دو سوسير ورولان بارت وأمبرتوا و وليفي وغيرهم، ممن ينادى بتقديس اللغة وكمالها، وعدم احتياجها لما هو خارج عنها، ودعوى حرية القراءة والتأويل للنص، وغير ذلك.

وأما ما ذكره أخي جمال في الآية: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ". مفصحا عن مذهب الأشعرية ممن ينكر صفة اليد، وتأويلها، تحت دعوى المجاز، وقياس الغائب على الشاهد، فهو غريب، ومن أراد الحق فيما يتعلق بهذه الآية وصفة اليد، فعليه بما سطره ابن القيم في ذلك، في الصواعق، والعجيب أن الأشاعرة أعرضوا عن قول أبي الحسن الأشعري، في آخر أمره، حين قال في المقالات والموجز والإبانة وهذا لفظه فيها: " وجملة قولنا أن نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله ... " إلى أن قال: " وإن الله مستوي على عرشه، كما قال: [الرحمن على العرش استوى]،وأن له وجها، كما قال: [ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام]، وأن له يدين كما قال: [بل يداه مبسوطتان]، وقال: [لما خلقت بيدي]، وأن له عينين بلا كيف، كما قال: [

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير