تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأمَّا عدم مشابهتها لكلام الله سبحانه وتعالى أنَّا لا نعلم حقيقة صفة الله سبحانه وتعالى -ومستحيل ذلك-.".

علماؤكم يقولون بأن هذا القرآن مخلوق، وقد نقلنا لك عنهم ما يدل على ذلك، بل قال بعضهم بأن إطلاق " كلام الله" على القرآن من باب المجاز.

قولك: " نحن نمنع كون المقابلة شرطاً للرؤية ... ولا يجوز الاستدلال بالعادة على أنَّ شيئاً شرط لشيء ... ".

ثم قلت: " ولن أفصّل لأنَّك لن تفهم!! ".

لن تفصّل؛ لأن الأشاعرة شبهوا الله في مسألة الرؤية بلا مقابلة، بالبقة، تعالى الله عن كلامكم علوا كبيرا.

قولك: " الله سبحانه وتعالى غيري ... ولا يلزم من ذلك وجوده في جهة مني ... ". إذا هو في جهة مغايرة لك.

وقولك: "غيري يخالف قول علمائكم: " الله لا داخل العالم ولا خارجه"، وهذا من الهوس.

وقد قال السعد في شرحه للعقائد النسفية (1/ 68): " فالعالم ما سوى الله تعالى من الموجودات". وهذا فيه إثبات الجهة قطعا، فقوله: " ما سوى" ينافي قولكم: " لا داخل العالم ولا خارجه".

قولك: " وأمَّا إلزامك إيَّاي بذلك فمن حكمك ممَّا تشاهد".

وهذا حقيقة حالكم، أنكرتم صفة الوجه واليد والعلو بناء على ذلك.

بقي أن أشير إلى مسألة الجهة، فاقول:

اتفق الفلاسفة والمتكلمون وباقي العقلاء على أن كل ما في السماء له جهة العلو، وما في باطن الأرض له جهة السفل.

فأنت لو كنت في مركز الأرض فجميع الجهات المحيطة بك لها جهة العلو. وإنما جهة السفل فقط، هي المركز، والله ليس في المركز، ولا أعلم خلافا بين الأشاعرة في هذا، فأنت بهذا تدلس وتتلاعب بالألفاظ، وتدع لوهمك السقيم فرض المحال.

والسبب في عدم فهمك هذا هو جهلك بالرياضيات وعلم الهيئة عند أسلافك، فلو طالعت شروح الهيئة للأشاعرة لعلمت يقينا بهذا، ولعلمت أن ما أحاط بنقطة المركز له جهة العلو، كما في الدائرة، فلا نعلم إطلاقا أحدا قال بأن بعض محيط الدائرة في جهة العلو وبعضه في جهة السفل.

وراجع شرح الهيئة للجغميني، وحاشيته للشريف، وشرح المقاصد، والمواقف، وغيرهما.

قال في المواقف وشرحها (7/ 88): " ويكون المحدد (السماء) كرويا، ليتحدد القرب بمحيطه وهو العلو، ويتحدد البعد بمركزه وهو السفل".

وقال: " فقد ثبت بما قررناه، وجود كرة بها تتحدد الجهات الحقيقية، محيطة بالكل، ليكون سطحه الأعلى منتهى الإشارات، وجهة الفوق، ومركزه الذي يتساوى بعده عنه، وتنتهي به الإشارة النازلة عنه جهة التحت".

ولا خلاف أن المراد بالمحدد عندهم الفلك الأخير، فقولك: أن بعض هذا الفلك يكون تحت مخالف لإجماع الأشاعرة وغيرهم، ولكنه التقليد والجهل، نعوذ بالله من الخذلان.

قال إمام الأشاعرة الجويني: " لا ريب أن أهل هذا العلم حكموا بما اقتضته الهندسة، وحكمها صحيح لأنه ببرهان لا يكابر الحس فيه بأن الأرض في جوف العالم العلوي، وأن كرة الأرض في وسط السماء كبطيخة في جوف بطيخة، والسماء محيطة بها من جميع جوانبها، وأن أسفل العالم هو جوف كرة الأرض وهو المركز، ونحن نقول جوف الأرض السابعة وهم لا يذكرون السابعة، لأن الله تعالى أخبرنا عن ذلك، وهم لا يعرفون ذلك، وهذه القاعدة عندهم هي ضرورية لا يكابر الحس فيها أن المركز هو جوف كرة الأرض، وهي منتهى السفل، والتحت، وما دونه لا يسمى تحتاً، بل لا يكون تحتاً، ويكون فوقاً بحيث لو فرضنا خرق المركز وهو سفل العالم إلى تلك الجهة لكان الخرق إلى جهة فوق، ولو نفذ الخرق إلى السماء من تلك الجهة الأخرى لصعد إلى جهة فوق.

وبرهان ذلك أنا لو فرضنا مسافراً سافر على كرة الأرض من جهة المشرق إلى جهة المغرب، وامتدَّ مسافر المشي على كرة الأرض إلى حيث ابتدأ بالسير وقطع الكرة مما يراه الناظر أسفل منه، وهو في سفره هذا لم تبرح ا"لأرض تحته والسماء فوقه، فالسماء التي يشهدها الحس تحت الأرض هي فوق الأرض لا تحتها؛ لأن السماء فوق الأرض بالذات فكيف كانت السماء كانت فوق الأرض من أي جهة فرضتها، ومن أراد معرفة ذلك فليعلم أن كرة الأرض النصف الأعلى منها ثقله على المركز، والنصف الأسفل ثقله على النصف الأعلى أيضاً على جهة المركز، والنصف الأسفل هو أيضاً فوق النصف الأعلى، كما أن النصف الأعلى فوق النصف الأسفل، ولفظ الأسفل فيه مجاز بحسب ما يتخيل الناظر، وكذلك كرة الماء محيطة بكرة الأرض إلا سُدْسُها، والعمران على ذلك السدس، والماء فوق

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير