تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وأما الوجه الثالث الذي يأتي به الناس إذا هم امتنعوا عليه واعتصموا بالله فإنه يوسوس لهم في أمر الخالق ليفسد عليهم أصول التوحيد". ثم قال: " فهذا من أعظم ما يوسوس به في التوحيد بالتشكيك أو في صفات الرب بالتشبيه والتمثيل أو بالجحد لها والتعطيل وأن يدخل عليهم مقاييس عظمة الرب بقدر عقولهم فيهلكوا أو يضعضع أركانهم إلا أن يلجأوا في ذلك إلى العلم وتحقيق المعرفة بالله عز وجل من حيث أخبر عن نفسه ووصف به نفسه ووصفه به رسوله".

سادسا: ذكر أتباع السلف الأحاديث وأقوال السلف في ذلك، وسأذكر كلام الجويني، لا حقا، لاشتماله على بعض الأدلة الصريحة في إثبات علو الله. والمرجو منك أن تتأمل فيها، وتنزع من عنقك ربقة التقليد لغيرك.

سابعا: لم تجب على حديث الإسراء والمعراج، وما نقلته من كلام الطحاوي في ذلك.

ثامنا: وهذه بعض النقول عن السلف في الاستواء:

قال مجاهد (تلميذ ابن عباس): " استوى: علا على العرش".

وقال أبو العالية (من كبار التابعين): " استوى: أي ارتفع".

قال البغوي: " قال ابن عباس وأكثر مفسري السلف: ارتفع إلى السماء".

وقال حماد بن زيد: إنما يدورون-يعني المعتزلة- على أن يقولوا: ليس في السماء إله. والمعتزلة هم شيوخ الأشعرية، وقد سبق تقرير ذلك. وهذا لازم قولهم: " الله لا داخل العالم ولا خارجه"، وهذه صفة المعدوم.

وقصة أبي يوسف مشهورة في استتابته بشر المريسي لما أنكر أن الله فوق العرش، وأبو يوسف من كبار تلاميذ أبي حنيفة.

قلت: وقول متأخري الأشاعرة يوافق قول الجهمية في ذلك، والعرق، كما يقال، دساس، وقد حذر السلف من هذا القول كثيرا، ومن ذلك:

- لما ذكر رجل من الجهمية أن معنى"استوى" استولى، عند تلميذ مالك بن أنس، والمشهور بالقعنبي، قال له القعنبي: " من لا يوقن أن الله على العرش استوى كما تقرر في قلوب العامة، فهو جهمي".

- وقد سبق قول ابن الأعرابي، وهو اعلم بدلالات الألفاظ من هذا المحرف لنصوص القرآن، والمسمى بسعيد فودة وصغيره أبا الغوش. ولا بأس بتذكير هذا الجاهل بلك: فأقول ذكر البيهقي في الأسماء والصفات عن إمام العربية في وقته ابن الأعرابي، أنه سئل عن معنى آية الاستواء، فقال: " إنه مستو على عرشه، كما أخبر"، فقال السائل: " إنما معنى قوله استوى: أي استولى"، فقال ابن الأعرابي: " ما يدريك؟ العرب لا تقول استولى على العرش فلان، حتى يكون له فيه مضاد، فايهما غلب، قيل: قد استولى عليه، والله تعالى لا مضاد له، فهو على عرشه كما أخبر"، وإسناد هذا الخبر عن ابن الأعرابي صحيح.

فقد اجتمعت ظواهر نصوص القرآن وصريح ألفاظ السنة، وأقوال الصحابة وتابعيهم، ومن تبعهم، وأهل اللغة، والعامة كلها على تقرير علو الله، وأنه فوق عرشه استوى على الحقيقة، لا خلاف بين السلف في ذلك، وهذا ما نؤمن به ونعتقده، ونعتقد أن من خالف في ذلك فهو إما جهمي أو حلولي، ولا ثالث لهما سوى مذهب السلف.

تاسعا: قال يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور الصرصري الأنصاري الإمام في اللغة والفقة والسنة والزهد والتصوف:

أيشعر حزب الجهم ذاك المضلل ........ بأني حرب للعدى غير أفكل

تشن عليهم غيرتي وحميتي ........ لدين الهدى غارات أشوس مقبل

فوقع قريضي في صميم قلوبهم ......... أشد عليهم من سنان ومنصل

أفوق عليهم حين أنظر نحوهم .......... مقاتل تصمي منهم كل مقتل

هم انحرفوا عن منهج الحق سالكي ......... مهالك من تحريفهم والتأول

لقد بريء الحبر بن إدريس منهم ......... براءة موسى من يهود محول

إلى أن قال:

ومذهبه في الاستواء كمالك ............ وكالسلف الأبرار أهل التفضل

ومستويا بالذات من فوق عرشه .......... ولا تقل استولى فمن قال يبطل

فذلك زنديق يقابل قسوة ............. لذي خطل راوي لعيب ومعطل

وقد بان منه خلقه وهو بائن ............. من الخلق محض للخفي مع الجلي

وأقرب من حبل الوريد مفسرا .............. وما كان معناه به العلم فاعقل

علا في السماء الله فوق عباده ............... دليلك في القرآن غير مقلل

وإثبات إيمان الجويرية اتخذ ............. دليلا عليه مسند غير مرسل

عاشرا: أعيد هنا كلام علامة الأشاعرة، الجويني، حين قال:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير