تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الشدائد التي ابتلي بها إلا من جنس الشدائد التي ابتلي بها الأنبياء وأتباعهم، وذلك دليل الحق، بخلاف أهل الهوى والبدعة، فهم كما يقول ابن قتيبة: " فإذا نحن أتينا أصحاب الكلام لما يزعمون أنهم عليه من معرفة القياس وحسن النظر وكمال الإرادة وأردنا أن نتعلق بشيء من مذاهبهم ونعتقد شيئا من نحلهم وجدنا النظام شاطرا من الشطار يغدو على سكر ويروح على سكر ويبيت على جرائرها ويدخل في الأدناس ويرتكب الفواحش والشائنات ... ".

ووجدنا-أيضا- هذا الرجل لا يجاوز القرآن والسنة وأقوال السلف في إثبات العقيدة، فعلمنا أنه من أنصار الحق، وأن الله ناصره، وكل ذلك صريح في الدلالة على الحق، وظهور الحجة.

قوله: " المقصود أنَّك تثبت الجهة!!! فهذه الجهة حقيقيَّة أم لا؟؟! فإن كانت حقيقيَّة فهي مختلفة من شخص لآخر".

لفظ الجهة لفظ مبتدع منشأه كتب الفلسفة، فإن كان المراد بها العلو والفوقية والاستواء على العرش، فنحن نقر بها، ودليلنا القرآن والسنة، وإن كان القصد منها غير ذلك فبينوا لنا، ولا تبتدعوا.

وكنت قد سألتك سؤالا وأعيده لك هنا، بصيغة أخرى: هل الله هو العالم، أو غيره؟، و لا ثالث في هذه القضية؟، فإن قلت: هو العالم، فقد كفرت، وإن قلت: غيره، فقد أثبت له الجهة، ويلزمك ما ألزمته، بجهلك، أهل السنة.

وقوله: الله غير العالم يساوي قولنا: الله في السماء، وفوق العرش.

وإن قلت: لا هو العالم ولا غير العالم، وصفته بالعدم، وهو مخالف ومناقض لما اتفق عليه جميع العقلاء من وصفه بالوجود، وقد جعلتم من الصفات الواجبة لله تعالى الوجود.

قوله: "وأمَّا هراءاتك الكثيرة التي كلَّما كتبت ملأت الصفحات بها فالوقت أعزُّ من أن يُردَّ عليها كلّها! لا من صعوبتها فأنت تعيدها وتزيدها لا عن عقل!! ".

سمها ما شئت، وأنا أعتقد أنك ستستفيد منها يوما ما، فربما تكون سببا في رجوعك عن هذا المذهب المبتدع.

قوله: " فما ورد عن أحد من ساداتنا الصحابة رضي الله عنهم أنَّه قال: (يد حقيقيَّة) ".

الأصل، كما قرره علماء الأصول الحقيقة، وهذا فيما يبدو مما يخفى عليك وعلى سعيد فودة، فأنتما لا تعرفان علم أصول الفقه، فيما ظهر لي، فقد قرروا أن الأصل الحمل على الحقيقة، فعلماء السنة، وهم أتباع الصحابة، لما قالوا: "يد حقيقية" أرادوا أن ينفوا تحريفكم، حين قلتم: " يد مجازية"، فهم ساروا وفق الأصول، وأنتم اتبعتم الهوى، تحت مسمى العقل، فالعقل السليم هو العقل الذي لا يعارضه النص، ولذا وجدنا الحق سبحانه ينفي العقل عن قوم، هم في حكم من جانسهم، من أهل العقل.

قوله: " بل سكت عنه ولم يتكلَّم فيه مطلقاً".

قلنا لك مرات، الصحابة لم يقولوا: " الله لا داخل العالم ولا خارجة"، والله يرى رؤية بدون مقابلة، والاستواء الاستيلاء، وأقسم لك لو جئتني بنصوص صحيحة عن الصحابة تصرح بمثل سفاهاتكم، لأعلنت للملأ رجوعي إلى مذهبكم، ولكن بينكم وبين ذلك خرط القتاد.

قوله: " وأمَّا ادعاؤكم أنَّه يلزم الآن لأنَّ من الناس من ينكره ...

فذا بناء على فهم زائد أنتم زدتموه بأنَّ اليد عضو حقيقي ... ".

نقلك هذا فيه تشويش، ويبدو أنك لم تحسن النقل من الموضع الذي تنقل منه، وأنا على ثقة أنك لا تستطيع أن تقيم الحجة على مسائل دون هذه بمراتب.

وقوله: " عضو" هات نصا صحيحا وصريحا عن علماء السلف ينص على لفظ" العضو" ودع عنك الكذب، والتدليس، فإنه أخو الكذب، فالعلماء قالوا: اليد بالنسبة للبشر عضو، وأما لله فهي صفة تليق بجلاله، والسؤال عن كيفيتها بدعة.

قوله: "ولم يتكلّم الصحابة في إثبات المجاز ولا نفيه".

وأنتم جعلتم من المجاز مسلكا لكم إلى تحريف النصوص، بل قال علماؤكم: المجاز أبلغ من الحقيقة، وادعيتم أن المجاز أكثر من الحقيقة، كل هذا تمهيدا منكم لدعواكم العريضة في تحريف النصوص الشرعية، وإلا فالمجاز لم ينص عليه أحد من الصحابة، بل كانوا يتلقون النص بفطرهم السليمة، ولم يلبس عليهم الشيطان، كما لبس على المخدوعين بفلسفة اليونان، ولو عرض لهم مثل ذلك لاشتهر، ولعرضوا ذلك على حبيبهم صلى الله عليه وسلم، ولا تعقل دعوى الكتمان وخصوصية المعرفة، كما هذى به محمد أكرم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير