هذا المرسوم الدولي أو المهزلة العالمية، حري بمن صدر ضده أن يستفيق من سباته، وأن يراجع حساباته، وأن يعيد ترتيب أوراقه، في علاقاته مع الآخر كيفما كان نوعه وجنسه وموطنه .. وأن لا يجعل البرنامج الوطني الذي يجب أن يخدم الوطن وأن يقف إلى جانبه في محنته وأن يتقدم به نحو التحرر والحرية والكرامة، هو البرنامج نفسه المؤامرة على الوطن أو ضد الأهداف السامية للوطن والمواطنة ..
فعلى هذا الذي صدر ضده المرسوم أن يرد الاعتبار لوطنيته وواجبه القومي .. وأن يحافظ على البسمة في شفتي وطنه الذي "شرم يهديه إلى شرم" .. وألا يتركه طريد العدو الغاشم المتآمر على الوطن "الجيش الغاصب في صلف / قتل نهبا ... هدم اغتصبا / أرض الإسراء غدت سلبا" وألا يدعه تحت نير ظلم القريب النائم الذي "بطنه تملأ المكتب / تبيت تقدس الأرقام / كالأصنام ملفها / تنكب:
أتظل طريدا يا وطني
ظلم يغريك إلى ظلم؟
شرم يهديك إلى شرم؟
أتظل أسير مؤامرة
ومزايدة ومقامرة
وتباح وتباع كمجمرة
الأمس يبيعك لليوم؟
جاء الشارون
فشارون من قوم يهود
وآخر من قومي
أتظل البسمة في شفتيك
للغاصب واجبك القومي؟
فإذا تجوّز هذا الوضع الذي يصوره شعر الشاعر في طابقه السابع ذي العتبة (" (برنامج وطني) ") .. وأصبح الوطن وطنا رسميا وليس اسميا، حينها وحينها فقط سيعلم الجميع كيف نؤثث طابقنا الأخير الذي يرقى في السماء، وسيعرف العالم كله (" (من نحن؟) ")
منا الزمان وخطبه يتعلم
وعلى خطانا للعلا يترسم
وإذا طمى جرح الزمان فإننا
نحن الشفاء لجرحه والبلسم
إن كنت تجهل من نكون فإنما
للعمى هذي الشمس جرم مظلم
عجبا أتجهل من نكون وهذه
الدنيا بكل فعالنا تتكلم؟
من أنت، لا من نحن، يا متجاهلا
أو يجهل البحر الخضم العوم؟
إن كنت تجهلنا فذي آثارنا
في كل الأرض للهداية معلم
وهكذا يمكن الاعتراف (9) بكل تقدير أدبي وإجلال شعري بأن الدكتور عبد الغني التميمي استطاع أن يهندس بناءه الشعري بشكل جميل ورائع ومتناسق يؤدي أوله إلى آخره، ويفضي آخره إلى أوله، وبين الأول والآخر ينتشر إيقاع الغربة والحزن والهموم، وتنبعث ألحان العودة والفرح والسرور .. يتموسق ويتناغم الإيقاع والألحان تموسقا وتناغما داخليين منبعثين من طبيعة التكوين الشخصي المنبثق عن التصور الإسلامي للموضوع والقضية في إطار قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ((بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس .. )) " (اللفظ للترمذي وهو عند أحمد وابن ماجة والدارمي بروايات وأوله في صحيح مسلم) ..
كما استطاع التميمي أن يؤثث بناءه هذا بالطريقة المتموسقة والمتناغمة نفسها التي تترك بصماتها على نفسية المتلقي فتجعله يتفاعل وينفعل بالقضية التي رسم معالمها هنا بكل فنية وجمالية انطلاقا من اللفظ والتعبير والصورة ..
وللبحث تتمة بإذن الله تعالى ..
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[10 - 04 - 2007, 10:04 م]ـ
اعذرني، فقد جمعتها في صفحة واحدة .. حفظا لها.
بانتظار إكمال دراستك أستاذ عبد الرزاق.
ـ[المساوي]ــــــــ[11 - 04 - 2007, 02:13 ص]ـ
حديث ممتع عن العنوان وأهميته في التحليل النصي ..
فمن يستطع أن يفك هذه الشفرة الأولية، سيتمكن من الولوج إلى داخل النص والانغماس في دلالاته.
بانتظارك أستاذ عبدالرزاق لتكمل لنا.
أختي "وضحاء" السلام عليك ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
يسعدني تنويهك وتشجيعك وأتمنى أن أكون قد اقتربت من فك تلك الشفرة الأولية ..
أرجو أن تستمتعي ببقية القراءة المتواضعة ..
ولك الشكر على ما قمت به من تجميع المادة ..
وأسأل الله العلي القدير أن ينفع بها رواد منتدانا الأغر ..
ـ[المساوي]ــــــــ[11 - 04 - 2007, 02:23 ص]ـ
:::
نحو نقد إسلامي تطبيقي:
[هموم الأرض في الشعر الإسلامي المعاصر]
وقفة عند العتبة الأولى لديوان الدكتور عبد الغني التميمي
قراءة في أبجديات " رسالة من المسجد الأقصى "
الأستاذ عبد الرزاق المساوي
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
عضو اتحاد كتاب الإنترنت العرب
مكونات العنوان:
¥