تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(" (رسالة من المسجد الأقصى) ") معان سامية ودلالات عميقة وقضايا جليلة وأحداث لا تنسى وأمور تنتظر أن تقضى .. أناس قضوا وأناس ينتظرون .. كل ذلك وغيره كثير نقش على العتبة الأولى لهذا البناء التميمي الشامخ الذي يتكون من طوابق ثمانية .. أولاها تتبنى العتبة نفسها (" (رسالة من المسجد الأقصى) ")، وهذه ظاهرة أدبية معروفة بحيث نجد الأديب يستعير العتبة الأولى على الغلاف من بناء آخر يكون طابقا في بنائه الجديد ذي الطوابق العديدة يضمنها إياه .. لذلك نجد هذه العتبة دالة على البناء كله بطوابقه الثمانية وتتصدره أيضا في طابقه الأول .. وثانية هذه الطوابق تأخذ من العتبة الأولى بعضا من ألفاظها وجمالها، وتضيف إلى نور مكوناتها الجمادية جمالا آخر إنسانيا بكل ما تحمل اللفظة من دلالات ومعان .. فتتحول العتبة من التركيبة الاسمية (" (رسالة من المسجد الأقصى) ") إلى التركيبة الاسمية (" (رسالة من حراس الأقصى) ") .. وهذا التغيير في مكونات الجملة لم يطرأ على المستوى السطحي إلا على الاسم المجرور وما ارتبط به، فكان من "المسجد" إلى "حراس" من "معرف" إلى "نكرة" من "منعوت" إلى "مضاف" .. وهذا الأمر على المستوى العميق له دلالات بعيدة يرتبط أو يمتزج فيها ما هو ساكن بما هو متحرك، ما هو جامد بما هو حي، ما هو مكاني بما هو إنساني، ما هو مسجد بما هو حراس .. في رمزية معبرة عن القدسية والكرامة والإخلاص والتجذر في التاريخ، والارتباط بين مكان السجود والساجد والتوحد في الإحساس ..

ثم تتوالى الطبقات في سماء الإبداع الشعري الإسلامي من خلال هذا البناء الشامخ الواحدة تلو الأخرى من (" (مجزرة) ") التي تصور الفظاعة والغلظة والبشاعة والعداء المستحكم في نفس الصهاينة نحو المسجد الأقصى وحراسه:

في ساحة الأقصى

تدور مجزره

مدافع منصوبة

وجثث منتثره

رجالنا نساؤنا

أطفالنا مستنفره

دماؤنا نازفة

نساؤنا محسره

منابر، مآذن

تحت الحراب صابره

في ساحة الأقصى

بكل موضع مجنزره

وحولنا مشجعون

فأدى هذا الوضع المزري إلى غضب المكان وانتفاضته المقدسة، لقد تحرك الجماد الذي أحس بالجفاء "وحولنا مشجعون" فأضحى يمتلك إحساسا إنسانيا لقسوة ما يرتكب على ظهره وفوق ظهره، فأنشد نشيده وهز صوته وانتفض (" (نشيد: القدس غضب) ")

القدس تقول تقول

يا سارق شمع الدار

يا مطفئ فيها الأنوار

لا تقطف في الأزهار

لا تلمس في الأحجار

مائي سم

حجري لغم

يا نجسا يا رجسة عار

لن تملك في القدس طريقا

لن تظفر فيها بغبار، أو ريح غبار

يا ذنب استعمار مرجوم

يا نعل استعمار ..

فكان هذا النشيد المكاني القدسي الذي يتقاطع عموديا وأفقيا مع النشيد الإنساني القدسي المضمر فيه أصلا .. كان مدعاة لتحرك البراءة ورفع صوتها برفض الواقع المهين .. وحافزا لغضبة الطفولة ورفع سواعدها ترمي العدو بصواريخ من حجارة من سجيل .. محدثة بذلك ربكة عسكرية واضطراب سياسي في صفوف الأعداء .. إنها أيادي صغيرة تقذف ولا تهن ولا تكترث مادام الكبار عن القضية والنشيد القدسي من الغافلين بسبب جبنهم:

اقذف به ولا تهن، لا تكترث بمن جبن

لا تكترث بمن وقف

اقذف به ولا تخف

ألا ترى إلى العدو في سلاحه

ارتجف

اقذف به وذق وذب في حبه

فإن من ذاق عرف

فاستحقت هذه الطفولة البريئة وهي عنفوان الأمة ومستقبلها على شجاعتها وإقدامها وصبرها وصلابتها كالأحجار التي بأيديها .. استحقت جائزة عظيمة هي عتبة الطابق الخامس (" (براءة اختراع) ") التي أثارت حفيظة الأعداء ومن خلفهم من دول الاستكبار مما أدى إلى استصدار مرسوم ملؤه الغبن والظلم والجور في شكل منحة صرفت زمانا بقيمة إمهال طويل الأمد .. كي تفضي هذه المنحة الدولية التي منحت للعدو الصهيوني إلى القضاء الكلي على انتفاضة الحجارة، والمشروع الإسلامي الفلسطيني .. وهذا هو الموضوع الذي يؤثث به التميمي طابقه السادس ذي العتبة (" (مرسوم) "):

جاء مرسوم من القمة يقضي:

أمهلوا شارون دهرا

أمهلوه بعد"صبرا" صبرتين أو ثلاثا

وعلى الأكثر عشرا

واصبروا صبرا ... فصبرا

لا تقولوا كان –يوما-

واحدا من هؤلاء القتلة

امنحوه بعد هذا العام

عامين ونصفا كي يحل المشكله

امنحوه فرصة –يا قوم- أخرى

ولماذا العجله؟

امنحوه مثل (شاتيلا) شُتيْلات

فشاتيلا وصبرا مهزله

ربما من بعد خمس

بعد سبع .. بعد تسع

سيلاقي فشله

عندها في مجلس الأمن

أثيروا المسأله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير