تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفن التراجم الشخصية فن حديث من فنون الأدب، انفصل عن علم التاريخ، ودخل عالم الادب، واشترط سيد قطب في التراجم الأدبية عنصرين أساسيين وهما: التجربة الشعورية، العبارة الموحية عن هذه التجربة، واذا ما خلت الترجمة من هذين العنصرين، او من احدهما، استحالت سيرة او تاريخا بعيدا عن عالم الادب، واستعرض المؤلف تحت هذا المبحث نماذج عدة للتراجم، كطريقة العقاد، وطريقة هيكل، ثم شفيق غربال، مع الاشارة الى طريقة طه حسين، وميخائيل نعيمة، وآخر هذه الفنون الادبية هو فن الخاطرة والمقالة والبحث، فالخاطرة في النثر تقابل القصيدة الغنائية في الشعر، وتؤدي وظيفتها في عرض التجارب الشعورية التي تناسبها.

أما المقالة فيقول المؤلف: فلها شأن آخر، إنها تشرح فكرة وتجمع لها الأسانيد، وتعتاض عن اللفظ المصور باللفظ المجرد، وتغني فيها المعاني المجردة عن الصور والظلال في معظم الأحوال.

ويضيف ايضا بأن مثل المقالة مثل سائر ما يكتب من بحوث قصيرة تتناول مسألة واحدة، من مسائل مختلفة، كالسياسة مثلا او الاجتماعية او الفلسفية وهو يعتبرها من هذا المنظور بحثا قصيرا وفي ختام حديثه عن هذا الفن الاخير من فنون العمل الادبي، يفرق بين المقالة والبحث الطويل، ويكمن الفرق بينهما في ان المقالة تعالج غالبا فكرة واحدة، يخلص اليها القارئ عند فراغه من قراءة المقالة، اما البحث الطويل فكل فصل فيه يعالج جزءا من الفكرة، ويصلح مقدمة للفصل الذي يليه.

وبعد هذه الدراسة الوافية لقسم الكتاب الاول والتي كانت تمثل الناحية العملية، حيث افاض فيها سيد قطب عليه رحمة الله، واكثر من الاستشهاد بالأمثلة، وقد كانت الأمثلة من قمم الأعمال الادبية ومن امتعها ايضا، وجاءت دراسته لها، ونقده ايضا في غاية الدقة والشمول، انتقل بعد ذلك الى قسم الكتاب الثاني، الخاص بمناهج النقد الادبي، الذي ألمح اليه سابقا، وكان هذا القسم يمثل الناحية النظرية، وبين ان عليه قبل ان يشرع في تقرير مناهج محددة للنقد الأدبي، ان يحدد أولا وظيفة هذا النقد وغايته، وقد لخصها في الآتي:

اولا: تقويم العمل الادبي من الناحية الفنية، ثم بيان قيمته الموضوعية، وثانيا: تعيين مكان العمل الأدبي في خط سير الأدب، وثالثا: تحديد مدى تأثر العمل الأدبي بالمحيط ومدى تأثيره فيه، ورابعا: تصوير سمات صاحب العمل الأدبي من خلال أعماله، وبيان الخصائص الشعورية والتعبيرية والنفسية.

ثم نبه المؤلف قبل تعيينه لمناهج النقد الادبي الى امرين: الاول: ان الفصل الحاسم بين هذه المناهج وطرائقها غير مستطاع، والثاني: ان هذه المناهج مجتمعة هي التي تكفل لنا صحة الحكم على الاعمال الادبية، فايثار احدها على الآخر لا يكون إلا في الموضع الذي يكون فيه احدها أجدى من الآخر، وهذه المناهج بحسب ترتيب المؤلف هي:

المنهج الفني، 2 المنهج التاريخي، 3 المنهج النفسي.

ومن مجموع هذه المناهج ينشأ منهج أدبي كامل للنقد الأدبي، يسميه النقاد المنهج المتكامل.

عقب هذا شرع المؤلف في حديث تفصيلي عن هذه المناهج الأربعة، وكان حديثه اولا كما جاء في ترتيبه السابق عن المنهج الفني ويقصد به مباشرة الأثر الأدبي بالقواعد والأصول الفنية المباشرة، ويقوم هذا المنهج على التأثر، والقواعد الفنية الموضوعية، وحول تاريخ هذا المنهج وارهاصاته الأولى يقول المؤلف: هذا المنهج الفني هو الذي عرفه النقد العربي، اول ما عرف، عرفه ساذجا اوليا مبدأ الأمر، ثم سار فيه خطوات لم تبلغ به المدى، ولكنها قطعت شوطا له قيمته على كل حال، بالقياس الى طفولة الأدب، والى طفولة النقد التي كانت حينذاك، واستعرض بداياته التاريخية مع عرض أمثلة من النقد العربي قديما وحديثا ثم ثنى حديثه بالمنهج التاريخي ويحتاج اليه الناقد إذا أراد دراسة مدى تأثر العمل الأدبي او صاحبه بالوسط، ومدى تأثيره فيه، او في دراسة الأطوار التي مر بها فن من فنون الأدب، او لون من ألوانه، أو في معرفة مجموعة الآراء التي ابديت في عمل أدبي أو في صاحبه، ويرتبط هذا المنهج بالمنهج الفني، حيث لابد فيه من قسط من المنهج الفني، فالتذوق والحكم ودراسة الخصائص الفنية ضرورية في كل مرحلة من مراحله، واشار المؤلف في خضم حديثه عن هذا المنهج الى مخاطره، وأخطرها الاستقراء الناقص، والأحكام الجازمة، والتعميم العلمي، وإلغاء قيمة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير