تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المجلس الأول - مقدمة لازمة]

ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[30 - 09 - 2009, 06:37 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

{يأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} سورة آل عمران 102

{يأيُّها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء 1

{يأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سورة الأحزاب 70، 71

أمّا بعد:

فقد اختار الله - عز وجل – اللغة العربية لتكون لغة آخر كتبه، القرآن الكريم، قال تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربيا لّعلّكم تعقلون} وجعلها الله وعاءًً لكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم،، وهذا الاختيار من الله - عز وجل – لهذه اللغة إنما يعود إلى ما تمتاز به من ميزات لا يحصيها حتى مَن هم أعلم الناس بها.

ولنقرأ قول المستشرق الفرنسي رينان: " من أغرب المُدْهِشات أن تنبتَ تلك اللغةُ القوميّةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقّةِ معانيها وحسنِ نظامِ مبانيها، ولم يُعرف لها في كلّ أطوار حياتها طفولةٌ ولا شيخوخةٌ، ولا نكاد نعلم من شأنها إلاّ فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى، ولا نعرف شبيهًا بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير تدرّج وبقيت حافظةً لكيانها من كلّ شائبة "

لقد حمل العرب الإسلام إلى العالم، وحملوا معه لغة القرآن العربية واستعربت شعوب غرب آسيا وشمال إفريقية بالإسلام فتركت لغاتها الأولى وآثرت لغة القرآن، أي أن حبهم للإسلام هو الذي عرًَّبهم، فهجروا ديناً إلى دين، وتركوا لغة إلى أخرى، فغلبت عربيتُهم لغاتهم وسيطرت عليهم ومنحتهم لغة القرآن مجدًا لا يبيد وذكرًا لا ينفد ورائحة ًذكية حتى وهُم تحت التراب.

إن إقبال الأوائل والأواخر على العربية تعلمًا وتعليمًا وإجادة وإفادة لهو أدمغ الأدلة عند كل منصف على شرف تلك اللغة وقدرها.

كما أن الاعتزاز بالعربية لا ينفك عن الاعتزاز بالدين، وعندما اهتم السلف باللغة انسحب ذلك الاهتمام على غيرهم فأقبلوا على تعلم اللغة العربية وتخرج من غير العرب طائفة من العمالقة الذين خدموا اللغة العربية خدمة عظيمة بل كانت أوروبا ترسل فلذات أكبادها إلى ديار المسلمين لتعلُّم اللغة العربية التي هي مفتاح كل العلوم في ذلك الوقت، ولا تزال المراجع الكبرى في ديار الغرب في علم الطب وغيره من العلوم مكتوبة بالعربية وهي موجودة في مناهجهم.

ولا أظن ذلك كان غائبًا عن نظر الألماني فريتاغ حين قال: اللغة العربية أغنى لغات العالم!!!

ولم يأت تفوق العربية من فراغ بل لِمَا اختُصَّت به من عناية ربانية ونبوية، ولما نالته من اهتمام العلماء والفقهاء والمحدثين والأصوليين والباحثين والمصنفين والمثقفين ...

غير أن حال تمسك المسلمين بلغتهم لم يسر بنفس الوتيرة القوية، بل بدأت الأواصر تنحلُّ والوشائج تضمحل، حتى لاك الناس لغات أمشاجًا ولهجات ربما لا يرقى بعضها لكلام الجنِّ، فضرب الذل خيامه حول أمةٍ كانت لغتُها موضع فخرها، وأصاب الخللُ ألسنتها، فباتت إلى الهوان أقرب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير