[كتاب: الطريق إلى صنعة الإعراب مع التطبيق]
ـ[سامي الفقيه الزهراني]ــــــــ[20 - 12 - 2009, 11:40 م]ـ
صدر عن مكتبة الرشد حديثا كتاب الطريق إلى صنعة الإعراب مع التطبيق .. تأليف شيخنا أ. د: رياض بن حسن الخوام .. وهو كتاب تأصيلي وتعليمي رائع جمع فيه شيخنا خلاصة أفكاره ومحاضراته واجتهاداته عما يتعلق بالإعراب تنظيرا وتطبيقا .. وهو كتاب قمين في نظري أن يقتنيه كل طالب علم وأستاذ تربوي ..
وللفائدة فقد رأيت كتابة مقدمته .. وفهارسه هنا ليضيء بعض الشيء عن محتواه وقيمته العلمية ..
ونسأل الله التوفيق للجميع.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد:
فهذا الكتاب هو في الأصل محاضرات ألقيناها على طلابنا في قسم اللغة والنحو والصرف في جامعة أم القرى - أدامها الله حصناً من حصون العربية- نرغبهم فيها بالإعراب الذي بات عقبةً كؤوداً أمام دارسي العربية. ونبين لهم أهميته في إظهار المعنى وتحديده بدقة.
عرّفنا فيه الإعراب، ودللنا على خطواته وأهدافه، وأتبعنا ذلك بأعاريب من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وكلام العرب من نثرها وشعرها، وختمنا ذلك بإعراب بعض الأساليب النحوية والعبارات المشتهرة، هادفين من ذلك كله، تدريب الطالب على الإعراب المفصل (المفردات والجمل) لتنمو عنده الملكة الإعرابية، ويقوى لديه التحليل النحوي، فيدرك من ذلك أن الإعراب المفصل صنعة ماتعة، وحرفة ممتعة، وغاية نبيلة، إذ بها نقف على المعاني الدقيقة التي تختزنها الجملة العربية، تلك التي خلقها الله رشيقة المباني، موارة المعاني. فكانت بذلك من أرقى اللغات.
وليُعلم أن هذه الأعاريب تمثل المستوى الذي وصل إليه طلاب كلية اللغة العربية، فجز ء منها هو نتاجهم، لقد قمنا بإعراب بعض هذه النصوص معاً، وبعض آخر طلبناها من الطلاب واجبات، ثم صححنا لهم الأغلاط، وصوبنا الأخطاء، وأجبنا عن التساؤلات، آملين -بعد ذلك كله- أن يكون هذا العمل دافعاً للطلاب على متابعة هذا النهج الذي سلَّكناهم إياه لاعتقادنا أن الإعراب المفصل هو النحو، والنحو هو الإعراب، فالذي يمهر في هذا الفن هو النحوي فقط، أما حفظ القواعد النظرية وتردادها من غير قدرة على توظيف هذا المحفوظ على النصوص اللغوية، فذا يعني نقصاً في قدرة الطالب على إجراء الأقيسة العقلية، وعجزاً في العمليات الذهنية المطلوبة، في حين أن النحو قياس واستنباط وتحليل وقدرة على التخيل، وسرعة انتقال من المجرد إلى المحسوس، ومهارة في تقليب المعنى، فعلى الطالب إن لم يكن يملك هذه القدرات، أو يفتقد بعضاً منها أن يستكمل ما فقَد، وأن يصلح ما فسدَ، وذلك بالرغبة والشجاعة والثقة، ثم بالتدريب والممارسة، فلابد بعد ذلك من أن يبلغ غايته، ويصل إلى هدفه.
لقد كنت سعيداً جداً -في قاعة المحاضرات- حين آخذ بيد الطالب لأوصله إلى الإعراب الصحيح لكلمة صَعُبَتْ عليه، أراه أمامي يتلعثم ويتعثر أحياناً لعدم فقهه القاعدة النظرية، وأحياناً لعدم فهمه المعنى، وأحياناً لعدم خبرته بهذا الفن، فهو في مراحل دراسته السابقة -كما يزعم- لم يهتم أساتذته الذين درسوه بالإعراب، واكتفوا بتدريسه القواعد النظرية فقط.
وأخيراً هو يتعثر، خوفاً ورهبة من الإعراب، إذ أشعر كأن عقله قد توقف وفكره قد تعطل، حين طُلِبَ منه الإعراب ..
والحق أننا تجاوزنا هذا كله مع كثير من إخواني الطلاب فوصلوا إلى مستوى عالٍ بعد أن عشنا جميعاً في رحاب النحو (النظري والتطبيقي معاً).
لقد طردوا الخوف، واقتحموا أسوار الإعراب الموهومة بعد أن غرسوا الثقة بأنفسهم، فأضحوا أساتذة أكفاء يشار لهم بالبنان في المدارس التي يدرِّسون فيها.
¥