تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويتصل باللطف التخلص من موضوع إلى موضوع:" فسلك المحدثون غير هذه السبيل ولطفوا القول في معنى التخلص إلى المعاني التي أرادوها " (العيار ص187).

ويؤكد ابن طباطبا أهمية اللطف بقوله: "فليست تخلو الأشعار من أن .... تضمن صفات صادقة، وتشبيهات موافقة، وأمثالاَ مطابقة يصاب حقائقها، ويلطف في تقريب البعيد منها، فيؤنس النافر الوحشي حتى يعود مألوفاَ محبوباَ، ويبعد المألوف المأنوس به حتى يصير وحشياَ غريباَ، فإن السمع إذا ورد عليه ما قد ملّه من المعاني المكررة والصفات المشهورة التي قد كثر ورودها عليه مجّه وثقل عليه وعيه، فإذا لطف الشاعر لشوب ذلك بما يلبسه عليه فقرّب منه بعيداَ، أو بعد منه قريباَ، أو جلل لطيفاَ أو لطف جليلاَ، أصغى إليه ووعاه واستحسنه السامع واجتباه. وهذا تطريق إلى تناول المعاني واستعارتها والتلطف في استعمالها على خلاف جهاتها التي تتناول منها كما نبهنا عليه من قبل " (العيار ص202).فاللطف يعمل على المساحة الشعرية أو الأدبية أو التي تحول المألوف غريباَ والغريب مألوفا، فهي التي تجعل الشعر شعراَ، والتلطف قدرات خاصة لدى الشاعر يستطيع بها أن يحول اللغة العادية إلى لغة شعرية واللغة الغريبة إلى لغة مألوفة، كاسراَ جمودها وشاحنا إياها بشعريتها وأدبيتها التي يتلقاها المستمع بالانفعال والعجب والالتذاذ.

التأليف:

من المصطلحات الدالة على النسج "التأليف". فقد استخدمه ابن طباطبا للتعبير عن عملية النظم والنسج، فعندما شبه الشاعر بناظم الجوهر قال:" وكناظم الجوهر الذي يؤلف بين النفيس منها والثمين الرائق، ولا يشين عقوده بأن يفاوت بين جواهرها في نظمها وتنسيقها " (العيار ص8).فالتأليف عملية نظم وهو الأسلوب أو الصورة أو المعرض الذي يظهر به جمال الشيء. واللافت للنظر أن التأليف قد يكون سبباَ في شين الكلام فهو موطن الاستحسان أو القبح. وعد ابن طباطبا التأليف موطن العجب فقال:" فمن الأشعار أشعار محكمة متقنة، أنيقة الألفاظ، حكيمة المعاني، عجيبة التأليف، إذا نقضت وجعلت نثراَ لم تبطل جودة معانيها ولم تفقد جزالة ألفاظها " (العيار ص11).يذكر ابن طباطبا عناصر الأسلوب الثلاثة: الألفاظ والمعاني والتأليف، ويجعل التأليف مجال العجب. وهو يشير إلى النقض، ولا يقصد بالنقض الوزن فقط لكي ينتقل الشعر إلى النثر، لأنه يستخدم النقض مقابل التأليف والإحكام، ولا علاقة لهما بالوزن والعروض. فالمسألة أبعد من أن تتعلق فقط بالوزن، إنما تتعلق بالعلاقات التي يقيمها الشاعر بين ألفاظه بما لكل لفظ من دلالات. فعندما نستخدم اللفظ نقصد ضمناَ المعاني والدلالات التي يحملها، والتنسيق أو التأليف يكون في الوقت نفسه لكل من الألفاظ والمعاني.

وجعل من صفات الشعر الجيد الشعر السالم من جور التأليف (انظر العيار ص 20 - 21).

واتصل حسن التأليف عند ابن طباطبا باستواء الكلام وباللطف (انظر العيار ص 75 - 76). وشرح "تأليف الشعر" من خلال أسلوب العطف الذي يعني الشرح والتوضيح والتفصيل فقال: " وينبغي للشاعر أن يتأمل تأليف شعره، وتنسيق أبياته ويقف على حسن تجاورها أو قبحه فيلائم بينها لتنتظم له معانيها ويتصل كلامه فيها، ولا يجعل بين ما قد ابتدأ وضعه وبين تمامه من حشو ليس من جنس ما هو فيه فينسى السامع المعنى الذي يسوق القول إليه. كما أنه يحترز من ذلك في كل بيت فلا يباعد كلمة عن أختها، ولا يحجز بينها وبين تمامها بحشو يشينها. ويتفقد كلّ مصراع هل يشاكل ما قبله فربما اتفق للشاعر بيتان يضع مصراع كل واحد منهما في موضع الآخر، فلا يتنبّه على ذلك إلا من دق نظره ولطف فهمه" (العيار ص209).

البناء:

ومن المصطلحات الهامة في هذا المجال "البناء" ومشتقاته. فالبناء هو الهيكل الذي تنهض عليه القصيدة أو الجسد الذي يحتوي الروح، واستخدام ابن طباطبا للبناء يدل على أن مسألة "الشكل" ليست مسألة هامشية أو تكميلية أو تزيينية فحسب، وإنما هي مسألة أساسية تدخل في كينونة العمل الشعري، وتشغل مسألة "الشكل" في فكره منزلة عالية،يقول: "فإذا أراد الشاعر بناء قصيدة مخض المعنى الذي يريد بناء الشعر في فكره نثراَ، وأعد له ما يلبسه إياه من الألفاظ التي تطابقه، والقوافي التي توافقه، والوزن الذي سلس له القول عليه فإذا اتفق له بيت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير