تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يحاول مفتاح تحقيب الأدب المغربي، منطلقا بتحديد السمات المشتركة بين الأدب العربي والأدب المغربي، وإن هناك خصائص تميز الأدب المغربي من سواه. وإذا كان إثبات السمات المشتركة ليس فيه عناء، إذ يتجلى في اللغة وفي التركيب وفي الصور وفي الأغراض فإن ما يكون فيه عناء هو إثبات الخصوصية العميقة، وأما الخصوصية الظاهرة فهي بنية للعيان في الموشحات وفي الأزجال وفي الملحون، وبهذا المنظور، فإن الأدب المغربي منشطر إلى نوعين: نوع مقلد للمشرق، ونوع مغربي خاص.

وأطروحة محمد مفتاح تحاول أن تتجاوز هذا الانشطار الظاهر إلى البحث عن النواة الموجهة للثقافة المغربية بما فيها من علوم شرعية وعقلية وأدبية، والأدبية بما فيها منش عر فصيح بمختلف أغراضه وعامي بتنوع تجلياته، والنواة هي: الدعوة إلى الاتحاد والجهاد. وهذه الدعوة هي ما وجه الثقافة المغربية، ومنها الأدب، اتجاها معينا نحو روح معين، ولتحقيق هذا الافتراض والبرهنة عليه سيصوغ منهاجية ملائمة، وللتشييد النظري والتصوري، ومكونات المنهاجية هي:

-اعتبار الأدب نسقا فرعيا من نسق مجتمعي عام واعتماد المقايسة لإثبات العلاقة بين الأنساق.

-تبني منهاجية نسبية معتدلة.

وحسب ذلك، يقترح محمد مفتاح تحقيب يعتمد على مفهوم الأمد البعيد تكون نقطة بدايته ونهايته حادثا أعظم متكررا يتسبب غفي خلخلة اجتماعية وسياسية وثقافية.

والأحداث العظمى المترددة هي:

*فتح العرب الأندلس وسقوطها 92هـ، ويسمي هذه المرحلة بحقبة الاتحاد للجهاد لتحقيق هيمنة الإسلام في الغرب الإسلامي.

*من سقوط الأندلس إلى الانتصار في وقعة وادي المخازن 986هـ، ويسمي هذه المرحلة الاتحاد للجهاد تحصينا للذات ودفاعا عن الوطن.

*من وقعة وادي المخازن إلى فرض الحماية 1330هـ، ويسميها بحقبة الاتحاد للجهاد بحثا لهيمنة الإسلام ولمجده.

*من فرض الحماية إلى وقتنا هذا، ويقترح لها اسم حقبة الاتحاد للجهاد الأصغر والأكبر، استكمالا لتحرير الوطن وبناء للدولة العصرية.

ولذلك حرص على أن يكون الثابت الجامع بين الحقب جميعها هو مفهوم الاتحاد للجهاد)، ولكن هذا المفهوم خضع لمد وجزر نجلى في: الهيمنة، والتحصين، والبعث، والبناء.

يشير مفتاح إلى نوع المنهاجية التي تبناها لتوصله إلى الغاية المنشودة، والمنهاجية هي نظرية الأنساق العامة بمكوناتها الأساسية كما هي في علم الاجتماع، فخاصة التفاعل خولت لنا الربط بين النسق العام والأنساق الفرعية، وبين الأنساق الفرعية نفسها، مما خول عقد الصلة بين النسق السياسي والنسق الاجتماعي والنسق الأدبي، وهي صلات وثيقة في المجتمعات الإنسانية وخصوصا في المجتمعات البطيئة التطور.

وأما خاصة الانفتاح فقد سمحت بالحديث عن نسق أدبي متشعب مستمر قد أصاب بعض مكوناته جمود أحيانا وأضيفت إليه مكونات أخرى تارة، فلم يمت ليخلفه نسق جديد ذو مكونات جديدة.

الفصل الخامس: التشابه:

إن الترجمة تعني النقل من لغة منطلق (أو مصدر) إلى لغة مستهدفة (أو هدف) لإشباع حاجات معينة وبشروط خاصة، على أن نظريات الترجمة المعاصرة تأثرت بالنظريات التي تتعلق بفلسفة اللغة وباللسانيات وبالدليليات وبالسيميائيات وبالتاريخ المقارنة.

هكذا يستند المدافعون عن إمكان الترجمة الحرفية إلى المقولات التقليدية المتوارثة منذ عهد أرسطو، ويعتمد آخرون لرفضها باعتبار أن لكل لغة نسقها الخاص، وحاول آخرون صياغة ضوابط للترجمة معتمدين على السيميوطيقا والسيميائيات، أو على نظرية استجابة القارئ مع النص، وهذا يجعل محمد مفتاح إلى اعتماد بعض المفاهيم وتوظيفها في هذا الباب، وخصوصا مفهوم الأيقون، حيث يرتبط هذا الأخير بما يحاكيه وهي علاقة متدرجة، وقد تكون علاقة مطابقة أو علاقة مماثلة أو مشابهة أو سببية، وأن وظائف الأيقون في القديم كانت هي الكشف والإيضاح لما استتر. ولذلك ارتبط بالمقدسات وكان أيقون مطابقة. ولكن الأيقون بمجرد ما فارق هذا الأصل المقدس، اعتراه التدرج فأصبح استعارة أو كناية. على أن مهما اختلفت درجاته، فإن له وظائف معينة قد تختلف لا بسبب التدرج ولكن باختلاف الأزمنة والأمكنة وهيأة "المؤيقنين".

وأدى امتزاج الأيقون بالحروف اللغوية لتكوين بنية واحدة لأداء رسالة معينة، وهذا التلاحم هو ما تفطن إليه أصحاب الشعر المجسم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير