تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وللعكوك ديوان شعر طبع في دار المعارف بمصر، ضمن سلسلة ذخائر العرب سنة 1985م .. كان نسب بعض المؤرخين قصيدة (اليتيمة) للشاعر أبي الشيص: محمد بن علي بن رزين، ابن عم دعبل بن علي الخزاعي، الذي عاش في زمن الخليفة العباسي (هارون الرشيد)، وتوفي سنة 196ه.

ولأبي الشيص شعر رائع، استمعوا إلى بعض شعره أيها القراء الكرام ليواسيكم وينسيكم ما سمعتموه وتسمعونه من شعر رديء ركيك، وفي المثل العربي: (إن أخاك من واساك).

استمعوا لأبي الشيص، وهو يقول:

وقف الهوى بي حيث أنتِ فليس لي = 1 3 3 2 2 3 1 3 3 = ((4) 3 4 3 ((4) 3

متأخّر عنه ولا متقدَّم

وأهنتني فأهنت نفسي جاهداً

ما من يهون عليك ممن يُكرم

أشبهت أعدائي فصرتُ أحبّهم

إذ كان حظي منكِ حظي منهمو

وقصيدة (اليتيمة) قد عارضها الشاعر محمد بن غالب الرصافي (نسبة إلى رصافة بلنسية) ببلاد الأندلس، يقول الرصافي البلنسي من قصيدته الرائعة:

يا سعد قد طاب الحديث فزدْ = 2 2 3 2 2 3 1 3 = 4 3 4 3 ((4)

منه أخا نجواك يا سعد = 2 2 3 2 2 3 2 2 = 4 3 4 3 4

فلقد تجدّد لي الغرام وإن

بليَ الهوى وتقادم العهدُ

ذكْرٌ يمر على الفؤاد كما

يُوحي إليك بسِقْطِهِ الزنْدُ

وهي قصيدة بديعة أربت أبياتها على الخمسين بيتاً، ولم أقرأ لأحد يعارض هذه القصيدة غير الشاعر الرصافي البلنسي ..

وقرأت قصيدة اليتيمة منذ خمسين سنة، فراقتني، وعلقت أبياتها في ذهني، ومرت على سنون ولم تمحها من ذاكرتي، وعلقت مني كل معّلق، وأعيش حتى أرى عاتق غيث البلادي يقرر معارضتها، والقصيدة من البحر الكامل، عروضه (حذاء) [يعني – ((4) 3 – 3 = ((4) في آخرالصدر] وضربه (أحذ مضمر) [يعني 4 ولا تأتي ((4) في آخر العجز] والبحر الكامل، يقول عنه أبو العلاء المعري: «من عامة الشعر، لأنه والبحر الوافر، لايبلغ أملاك الشعر»، وانظر: كتاب (الصاهل والشاحج) لأبي العلاء المعري، صفحة 587 طبعة دار المعارف بمصر ..

يبدأ عاتق غيث البلادي قصيدته ببيت مكسور، وأول القصيدة كسر، فسامحه الله، يقول حفظه الله:

ومنشديْن يشوقهما نجد = 1 3 1 3 1 3 2 2

لله عين شاقها نجد = 2 2 3 2 2 3 2 2

فيكسر الشطر الأول من البيت، وهو بيت مهزول محصرم، يحتوي شعراً كسيحاً، ويستقيم شطر بيته الأول عروضياً لوقال حفظه الله:

كم منشد قد شاقه نجد = 2 2 3 2 2 3 2 2

لله عين شاقها نجد

ونقطع البيت هكذا:

وقد أساء البلادي بقصيدته الركيكة إلى القصيدة (اليتيمة)، كما أساء إلى لغة الضاد من حيث يتوهم الإحسان إليها.

وأسرد إليك أيها القارئ الكريم أبياتاً ركيكة من قصيدة (البلادي)، قد نهشها الكسر، وأودى بها إلى هوة لاقرار لها، يقول البلادي عفا الله عنه:

وأرزمت الخلفات مجلبة =3 1 3 2 2 3 1 3

وأقبلت الحيران تشتد = 3 1 3 2 2 3 2 2

وهو بيت مكسور، ولغته عامية، وهذا من عجائب شعر بعض الشعراء في هذا العصر الذي تردت فيه لغتنا الجميلة الشاعرة على أيدي بعضهم، ولم يتوقفوا عن خزعبلاتهم الشعرية، لأنهم لم يجدوا من يحاسبهم الحساب العسير .. وأصبح شعرهم من أسباب التخلف الذي أحاط بنا، ولم يراعوا قواعد الشعر، من وزن ونحو ولغة، وهي قواعد تضفي الجمال على شعرنا، وترتفع به إلى السماء على جناحي صقر.

والشيء يتبع الشيء، ففي يوم الثلاثاء 17/ 10/1425هـ وفي تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً، أصغيت إلى إذاعة MBC مصادفة فسمعت إحدى المذيعات تقول:

ياحسين فين راح صوتي ياحسين

ثم أردفت قائلة: (ياسلام، أنا الآن سأقول قصيدة) .. وبهذا الكلام الغث، تعلن المذيعة الفاضلة للمستمعين، أن نظم الشعر في هذه الأيام كنظم الخرز الرديء في السلك الصدئ ... فحسبنا الله ونعم الوكيل.

ويقول البلادي في قصيدته:

ففي الحجاز كل خاشعة = 3 3 3 3 1 3

وخاشع تسبيحه الحمد = 3 3 2 2 3 2 2

فيكسر الشطر الأول من البيت، [لعل الأدق أن يوصف بأنه حوى زحافين ثقيلين في تحول ((4) إلى 3 مرتين]

ثم يقول:

تُكسر بمرأى الناس أرجلهم = 2 1 1 3 2 2 3 1 3

رضخاً ويكسر منهمو الزند = 2 2 3 1 3 3 2 2

فيكسر الشطر الأول من البيت، ولايستقيم إلا إذا سكّنا الراء من الفعل المضارع (تكسر) ونسقط بذلك قواعد النحو إكراماً لشاعرنا البلادي ويستقيم البيت هكذا:

كسرت بمرأى الناس أرجلهم = 1 3 3 2 2 3 1 3 = ((4) 3 4 3 ((4)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير