تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم تغيرت أحوال تشارلز ديكينز وأصبح غنياً جدا إلى درجة أنه نسي معنى الفقر. وغيَّر سكنه واشترى أجمل البيوت في أجمل الأحياء اللندنية ... ولذلك كان ينهي رواياته الأولى بالعبارة التالية: لقد عاشا سعيدين وأنجبا أطفالاً عديدين ... وفي كل يوم، عند المساء، كان يقرأ عليها تلك الصفحات المطولة التي كتبها أثناء النهار لكي يمتحن مدى نجاحه أو عدم نجاحه في عملية الكتابة. وكانت تصغي إليه بصمت دون أن تدلي بأي تعليق. ولم يكن يعلم أنها تستمع إليه دون أن تفهم ماذا يقول .. كانت معجبة به فقط ولكن دون أن تعرف بأنه عبقري الرواية الانكليزية. كانت فخورة جداً بنجاحه دون أن تستطيع الدخول إلى عالمه الروائي الذي يضجّ بالشخصيات والحكايات وشطحات الخيال.

والآن ماذا عن زوجة دستويفسكي؟ بعد أن أُطلق سراحه من سجن الأشغال الشاقة في سيبيريا تعرف الكاتب الشهير أو الذي سيصبح شهيرا على امرأة تدعى ماري. وعلى الرغم من أنها كانت فقيرة ومصابة بالسل إلا أن دوستويفسكي وقع في حبها وتزوجها. وفي ليلة الزفاف بالضبط جاءته نوبة الصرع، فراح يسقط بكل جسده ويتمرّغ على أرضية الغرفة وعلى فمه رغو وزبد، وراح جسده يتقلّص ويتشنج وعيناه فارغتان محملقتان كالمجنون. وارتعبت امرأته من هذا المنظر المخيف. ولكن بعد أن مرت النوبة وقف على قدميه وراح يعتذر منها. وقال لها بأنه سوف يشفى من مرضه، وسوف يكسب الكثير من المال بعد أن تظهر رواياته الواحدة بعد الأخرى، وسوف يسكنان العاصمة سان بطرسبورغ ... ولكن الأوضاع لم تتحسّن، وكثرت بينهما المشاكل وراح الصراخ يملأ البيت باستمرار حتى أصبحت الحياة جحيماً لا يطاق. وفي إحدى لحظات الغضب انفجرت وقالت له بأنها لم تحبه في أي يوم من الأيام، وأنها تزوجته عن مصلحة، وأن لها عشيقاً ... وعلى الرغم من ذلك فإن دستويفسكي كتب عنها بعد موتها عام 1865 يقول: كانت أشرف امرأة وأنبل امرأة وأكرم امرأة تعرفت عليها في حياتي. ولكن للأسف لم يكن هناك انسجام بيننا ..

ثم ابتسم الحظ لدستويفسكي في زواجه الثاني حيث تعرف على امرأة عاقلة ومتواضعة وطيِّعة. وبالتالي فلم تعذبه، بل على العكس ساعدته على كتابة بعض رواياته الخالدة، ثم أنجبت له طفلين. وفي عهدها أصبح دستويفسكي الكاتب الأول في روسيا بالإضافة إلى تولستوي بطبيعة الحال. وتجاوزت شهرته الحدود القومية لكي تصل إلى جميع أنحاء أوروبا. ولأول مرة أصبح قادراً على شراء بيت والتمتع بحياة عائلية هنيئة قبل بضع سنوات من موته ... وبقيت مخلصة لذكراه حتى ماتت بعده بسنوات طويلة لأنها كانت أصغر منه سنا بكثير.

والآن ماذا عن أندريه بريتون زعيم السورياليين، هل كان سعيداً في زواجه يا ترى؟ كانت سيمون طالبة في كلية الآداب عندما تعرفت على شاعر شاب يدعى أندريه بريتون في حديقة اللوكسمبورغ الواقعة وسط العاصمة الفرنسية. وقد كتبت عنه مباشرة لأختها قائلة: " لقد تعرفت هذا اليوم على شخص غريب الأطوار. إن له شخصية الشاعر، وهي شخصية شديدة الخصوصية ومتعلقة بكل ما هو نادر ومستحيل. ويمتلك نسبة معينة ومفيدة من اختلال التوازن: أي الجنون النسبي. ولكنه يسيطر على هذا الاختلال عن طريق ذكاء حاد حتى وهو غير واع بنفسه. وذكاؤه إبداعي أو ابتكاري بشكل مطلق. ولم تفسد هذا الذكاء ثقافته الأدبية والفلسفية والعلمية الواسعة. ويتميز ببساطة كبيرة وإخلاص حقيقي حتى وهو مختلف معك ... " هذه هي الصورة التي قدمتها عنه المرأة التي ستصبح زوجته عام 1922.

وقد عاشت معه مدة سبع سنوات وساهمت بشكل فعال في أول حلقة سوريالية شكلها. وكانت الاجتماعات تتم في البيت تحت إشراف سيمون وفي ضيافتها. ولكن قلب بريتون كان متقلباً جداً فأحب غيرها وأقنعها بالطلاق عام 1929. وانزعجت الجماعة السوريالية كثيراً لأن سيمون كانت أحد الأعضاء المحبوبين في الحلقة، ولم يفهم السورياليون سبب هذا الطلاق الذي صدمهم وجرحهم. وثاروا على الزعيم بسبب هذا التصرف غير الأخلاقي. وعندئذ انشقت الحركة السوريالية إلى قسمين، قسم مع بريتون وقسم ضده. ثم تزوج بريتون مرتين بعدئذ، فقد كان مزواجاً مطلاقاً يبحث عن المتعة في الحياة قبل كل شيء. لقد كان سورياليا حقا ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير