ـ[حمادي الموقت]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 01:49 ص]ـ
الحمد لله الذي سقانها من لبى العز والخيرية
وبعد
أخوي الكريمان مشكوران على تعقيبكما الذي يفتح لي شهية البحث والنقاش، وأسأل الله –من خلاله- أن يرزقنا العلم النافع ويبلغنا المقصود.
فأما منطق العادة يقول: "إن من يلد يسمي"، إذ كيف تتصوران معي أن ما يخترعه الغرب من آلات كالهاتف والحاسوب وما جرى مجراهما لها أسماء خارج لغتهم، وهم الغيورون عليها، العاملون من أجلها، والباحثون عن الرقي والتقدم بها ومن خلالها، هذا منطق خاطئ لامحالة، ببساطة نحن لم نخترع شيئا فليس لنا الحق في التسمية، ما يحق لنا هو البحث عن تسميات توافق الصياغة العربية ومرونتها دون شذوذ في البناء.
لذلك،فاللغة العربية ستبقى مرنة وهي كذلك في صياغة وتوليد ما جد من الاختراعات مهما كانت، وبالتالي لن تكون قاصرة على تأدية مهمتها، إذ القصور يركن قصور أهلها ودورهم، حين أهملوها فأهملتهم، وذلوها فذلتهم، فإذا كانت اللاتينية أصل الفرنسية والإنجليزية فاللاتينية قد اندثرت، والعربية باقية ما بقي القرآن، وأرجو أن لاتظنا كلامي تعصبا أو تمن، بل هو واقع تؤكده البحوث والدراسات المستقبلية.
وإذا كانت اللاتينية رغم موتها أنفع للعلوم فلم اندثرت إذن؟؟؟ وإذا كانت كلمة sémantique الفرنسية مثلا ترجمها العرب بعلم الدلالة، وهي مأخوذة من الكلمة اليونانية sema ،... فعبر قانون علم التأثيل Etymologie تم التوصل إلى أن أصلها عربي هو "سمة" أي علامة، ولك أمثلة عديدة في هذا الباب ...
أما أمثلة أخي طارق، فأجدها لها بابا ظريفا أرجو أن ينال حظه من الفهم. فالمعلوم أخي الكريم، أنني حينما قلت إن فعل الحركة والنقل والتجول لايسند إلى جامد فهو حقيقي، وهذا الكلام يسري على أمثلتك التي أوردتها، لأن الذي غاب عنك أخي الفاضل هو أن الفاعل فاعلان في الحقيقة: الفاعل الأول فاعل حقيقي والفاعل الثاني فاعل نحوي، فإذا قلنا: مات الرجل، فهل هو الذي أمات نفسه أم أن هناك فاعل هو الذي قام بالفعل، لاشك أن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى، وأن الفاعل النحوي هو الرجل، فالحال نفسه مع رن الهاتف ونزل المطر وتحركت السيارة، فلايمكن بأي حال أن يرن الهاتف من تلقاء ذاته أو ينزل المطر على النحو عينه أو تتحرك السيارة إنسان. ومن ثم فإن الأفعال: رن، ونزل، وتحرك تستلزم وجود سمات دلالية في فواعلها أساسها: {+حي+ إنسان}
وللحديث بقية إن شاء الله
مع تحيات: أبو ريحانة
ـ[ضاد]ــــــــ[12 - 08 - 2009, 02:14 ص]ـ
حياك الله أخي الكريم وأشكرك على نقاشك الراقي.
إذا اتفقنا على أن أي لسان لا يحيى إلا بتفاعل متكلميه معه وتطويرهم له ولسبل تعليمه, فقد اتفقنا على كل شيء تقريبا, والبقية أمور لا يفسد الاختلاف فيها للود قضية.
موت اللغة لا يعني اندثارها التام, أي فناءها من الوجود, فموت لغة ما يكون - حسب اللسانيين - عند موت آخر شخص يتكلمها لغة أُمًّا, وحسب هذا التعريف يمكن تصنيف العربية - بمفهومها السائد هنا وعند كثير من اللغويين والذي يقصرها على الفصيحة - لغةً ميتة أو شبه ميتة, لانعدام من يتكلمها لغة أُمًّا بما في ذلك من السليقة التي كانت العرب تتميز بها, كيف لا والفصحى لسانهم ولغة تخاطبهم وتفكيرهم, أما إذا نظرنا إلى العربية نظرة أوسع بأنها تشمل اللهجات المحلية على اختلافها وبأنها درجات من اللغة وأعلاها أقربها من العربية الفصيحة أو القياسية, فالعربية لم تمت. والكثير ينسون أن اللغة أصلها اللسان واللسان سابق للكتابة, وما دامت العربية ليست لغة لسان, أي ليست لغة تخاطب وتعامل شفوي بين العرب, فستظل لغة مكتوبة نظرية لا يمثل التخاطب فيها - وهو الدور الرئيس لأي لسان - إلا جزءا يسير جدا وفي هذا تعطيل لها ولخصيصة "اللسان" فيها.
¥