تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال صاحب أصول الدين: " وهذه العبارات دالة على كلامه القديم الأزلي القائم بذاته وتسمى العبارات كلام الله تعالى وهي محدثة مخلوقة وهي الحروف والأصوات". فهم يدعون خلق القرآن، كالمعتزلة، ويتهربون من الاعتراف بذلك.

وأما في الرؤية: فقد ذهبوا إلى جواز الرؤية دون مقابلة، وهذا القول من محالات العقول، يرفضه الصبيان والكهول، وجميع الحجج الواهية التي تدافع عن هذه الطامة، مثلها ابن رشد بالرجل المنافق الذي يدعي الفضيلة، وليس به من حقيقتها شيء.

ثم إن الأشعري قال في الإبانة واللمع: " إنه يرى بالأبصار"، ويلزم على هذا المقابلة بديهة، وفي نفي ذلك معارضة للبديهة.

وأما القول بأن الرؤية لا تختص بالبصر، فيلزم منه أن يوافق المعتزلة الذين يرون الرؤية بمعنى العلم الضروري، لأنه لا فرق هنا بينهما، وبهذا يثبت موافقتهم لشيوخهم، كما ذكرنا.

ولذا نقل عن بعض شيوخهم أنه قال: " لولا الحياء من مخالفة شيوخنا لقلت: إن الرؤية هي العلم لا غير".

رابعا: ادعى هذا الرجل أن ابن تيمية شبه الخالق بالشمس والقمر، وأنهما معبودان له، فيقال له:

أنت لا تفهم معنى التشبيه، ولم تفهم كلام الشيخ، فالشيخ يقول: " فإذا كانت حركة واحدة يكون عنها ليل ونهار في وقت واحد لطائفتين وشتاء وصيف في وقت واحد لطائفتين فكيف يمتنع على خالق كل شيء الواحد القهار أن يكون نزوله إلى عباده ونداه إياهم".

فهو يشبه الإمكان بالإمكان، ويلزم على فهمك ما يلي:

1. أن يكون القمر والشمس معبود للنبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أبي هريرة قال: قال أناس يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك". وهو في البخاري.

2. إذا كان ابن تيمية قد شبه خالقه بالشمس والقمر، فأنتم شبهتم خالقكم بالبقة، حين قِسْتم إمكان رؤية الباري بدون مقابلة على رؤية أعمى الصين، لبقة في الأندلس، قال في المواقف وشرحها: " الأشاعرة جوزوا رؤية ما لا يكون مقابلا ولا في حكمه بل جوزوا رؤية أعمى الصين بقة أندلس"، نعوذ بالله من الضلال المبين، نعوذ بالله من الضلال المبين، نعوذ بالله من الضلال المبين، وهذا، أيها المضطرب، هو لازم تخبطك وفهمك السقيم، لكلام ابن تيمية، فإن أردت معرفة البقة، فعليك بكتاب حياة الحيوان للدميري، وسأكفيك عناء البحث فيه، وأبين لك ماذكره (1/ 503): " البقة: البعوضة، والجمع البق" ثم قال: " والبق المعروف: الفسافس"، وقال عن الفسافس (3/ 416): " حيوان كالقراد، شديد النتن". وذكر أنهم قالوا في الأمثال: " أضعف من بقة".

فليختر هذا المضطرب معبوده من هذين المخلوقين.

خامسا: " الرجل لم يفهم قوله تعالى: " ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير"، ولذا نجده يستدل بها على نفي صفات الله التي أثبتها أهل السنة، تبعا لماثبت منها في القرآن والسنة، ويغض الطرف عنها، حين يثبت لله من الصفات ما تقع به المشابهة بين الخالق والمخلوق، فالمخلوق يتصف بالحياة والقدرة والإرادة، وقد وصفه الله بذلك، فيستدل بعين ما نقض به، وهو غاية التناقض والاضطراب وعدم الفهم بل والعقل.

سادسا: الرجل يفر من إثبات صفة الاستواء والفوقية والنزول خشية القول بالمكان، وهذا من قياس الغائب على الشاهد، وهو قياس فاسد، كما هو معلوم. ولننظر في لوازم تصوره هذا.

- فقد حرف آية الإستواء، وادعى أن معنى"استوى": " استولى"، وقد بينا كذب هذا التأويل، بل لم نجده عند الأشعري نفسه، كما نقل البيهقي، ونقلنا عن اللغوي المشهور ابن الأعرابي ما يدل على سفاهة هذا التحريف، فيما سبق.

-وقد كذب برواية مسلم لحديث الجارية، وادعى شذوذه مخالفا جميع علماء الحديث، ومنهم النووي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير