تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومسألة تعدد الصفات عندكم يجب أن لا تتهربوا من القول بها، قال في "مناهج الأدلة": " فليس من شأن العامة ولا المتكلمين إذاً أن يُشغلوا أنفسهم بما لا طاقة لهم به، وينبغي أن يعترفوا بتعدد الصفات".

وقد أشار كبير الأشاعرة، الشهرستاني، في عصره إلى حيرة الأشاعرة وغيرهم في هذه المسألة، فقال: " ثم هل تشترك هذه الحقائق والخصائص في صفة واحدة، أو ذات واحدة، فتلك الطامة الكبرى على المتكلمين، حتى فر القاضي أبو بكر الباقلاني منها إلى السمع، وقد استعاذ بمعاذ والتجأ إلى ملاذ، والله الموفق".

وقال الآمدي: " فما على المؤمن إلا أن يثبت الكمالات المختلفة دون دخول في هذه المضائق التي وقع فيها بعض الأصحاب فعجزوا عن تحقيق الجواب".

وأما العلامة سعيد فودة وتلميذه البار أبو الغوش، فهما من جوهر آخر غير جوهر أئمتهم هؤلاء، نعوذ بالله من الضلال والخذلان.

عاشرا: تناقض القوم كثيرا في كلام الله، وقد بينت ذلك فيما سبق، وأضيف: أنهم زعموا أن كلام الله مكتوب في المصاحف على الحقيقة وليس بحروف. وهذا من محالات العقول، أعني وجود مكتوب بدون حروف.

وقالوا: " إثبات الحروف في كلام الله تشبيه"، ثم قالوا: " كلام الله وكلام غيره لا حروف فيهما"، فوقعوا في التشبيه.

ومن تناقضهم:

قولهم: " إن كلام الله شيء واحد، لا يدخله التبعيض"، وعلى هذا فقولهم: إن الله أفهم موسى كلامه، لم يخل الأمر من أن يكون قد أفهمه كلامه مطلقا، فصار موسى عالما بكلام الله حتى لم يبق له كلام من الأزل إلى الأبد، إلا وقد فهمه موسى، وفي هذا اشتراك مع الله في علم الغيب، وذلك كفر باتفاق".

فإن قالوا أفهمه ماشاء من كلامه رجعوا إلى التبعيض.

ومن تناقضهم: أنهم يقرون بوجود النسخ في القرآن المنزل، فيلزم على هذا أن يكون كذلك في الكلام القديم، لأن هذا عندهم عبارة عنه، ويلزم من ذلك: الترتيب والتعاقب، الذي يفرون منه.

ومن تناقضهم: أنهم لا يدرون موقع الإعجاز، هل هو قائم بالقرآن، أم بالكلام النفسي؟

وبالجملة فالعقلاء ممن انتسب أو عرف عنه هذا المذهب يقول، كما قال ابن حجر (رحمه الله) عن السلف: " "القرآن كلام الله غير مخلوق ولم يزيدوا على ذلك شيئا وهو أسلم الأقوال والله المستعان".

ومن تناقضهم فيه: أنهم أقروا بوجود الاختلاف في القرآن المتعبد به، فمنه الفعل والاسم والحرف، ومنه الماضي والمضارع والأمر، ومنه الجملة الفعلية والجملة الاسمية، وكل هذه متغايرة فيما بينها اتفاقا عند جميع من له مسكة من عقل.

فإذا كان كذلك، والقرآن عبارة عن الكلام النفسي لزمت المشابهة والمماثلة، ولزم الترتيب والاختلاف في الكلام النفسي. وحتى لا يلزموا بمثل هذا ادعوا أن الكلام النفسي قديم وهو واحد، فالأمر والمضارع والماضي واحد، والفعل والاسم والحرف واحد، والجملة الفعلية والاسمية واحدة، لا فرق بينها ولا اختلاف فهي عندهم أمر واحد، ووحدته شخصية وقيل: نوعية، فيلزم من كل هذا: أن لا يكون القرآن المتعبد بتلاوته هو كلام الله، للتغاير.

الحادي عشر: ومن مخالفتهم للنصوص الشرعية:

أنهم ادعو وقوع التكليف بما لا يطاق، وقد نص على ذلك الجويني، ونص على جواز التكليف بما لا يطاق الأشعري، وهذا مخالف لنص القرآن في ذلك.

وادعو جواز عدم الحكمة في بعض أفعاله.

حيرتهم في قوله تعالى: " إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون"، وتقرير ذلك أن يقال لهم:

إذا أراد الله خلق مخلوق ما، فإنه على ظاهر الآية سيقول: " كن" فهذه الكلمة إما أن تحدث في ذاته، أو خارج ذاته، وإما أن تكون قديمة.

وكل هذه يلزم منها الضلال المبين عندهم، فالأول: يلزم عليه حدوث الحوادث في ذاته، والثاني: التغير، والثالث: القول بقدم العالم.

ومن ثم قال بعضهم: " نثبت القول بموجبها، من غير اشتغال بموجبها"، فليتهم فعلوا ذلك في جميع الصفات، التي اشتغلوا بتأويلها.

الثاني عشر: ومن تناقضهم:

اختلافهم في صفة الوجود، وهل هي عين الواجب أم زائدة عليه، فلم يستقروا على قرار في ذلك، وهو من تبعات تقديس العقل، نعوذ بالله من الضلال.

الثالث عشر: ومن مخالفتهم لسلف الأمة قولهم بالجبر، فهم جبرية، والعياذ بالله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير