تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أ - سياق الآية الكريمة "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً" فالمعنى عن تحريم ظلم النساء بعد طاعتهنّ ومعرفة أنّ الله تعالى أعلى وأكبر قهراً للرجل من قهره لزوجه, وهذا واضح باللغة والمفهوم.

ب - الترابط بالدلالة بين وصف الله سبحانه وتعالى نفسه بالعلي والكبير, فإن كانت الأولى مجازية كانت الثانية كذلك والعكس صحيح, ومعلوم أن صفة الكبير لله تعالى لا تعني الحجم (وهو الامتداد بالأبعاد) فهي مجاز يفيد القهر, فمن الأقرب كون الأولى مثلها بالدلالة فهي مجازية. وقد يقول بعضهم إنه لا ينفي الكبر بالحجم لأنه لم يأت الدليل على ذلك!! فبهذا يجوز القول بكبر الحجم من غيرمجاز فيستقيم أخذُ العلوّ على الظاهر, فعلى هؤلاء يقوم حجتان:

1) القول بالجسمية وهي لم ترد بالكتاب العزيز, وهي أعظم درجات التشبيه الذي تعالى الله سبحانه عنه.

2) يلزم القول بالحجم كثير معظمه كفر مثل لزوم كونه تعالى عن ذلك في مكان فيقال إن هذا المكان لا يخلو من كونه حادثاً مُحدثاً فيكون الله تعالى حالاّ داخل مخلوقاته أو أن يكون المكان قديماً وهذا كفر لأن فيه إثبات قدم غير الله تعالى. وأيضاً القول بالحجم يقتضي الكثافة, وهذا يقتضي الكتلة, وهذا يقتضي التزام قوانين الفيزياء وهذا يقتضي مشابهة الله سبحانه وتعالى للمخلوقات في أحكامها, فهي حادثة يجوز فناؤها بأحكامها فتعالى الله عن الحوادث. والقول بالمكان العدمي ما قال به الكتاب ولا السنة ولا السلف ممن يحتج هؤلاء بهم – و قد جاؤوا بما يزعمون تركه والنهي عنه وهو القول بما لم ينصَّ عليه الكتاب ولا السنة- , و لا يعرِف هؤلاء أنفُسُهم ما هو المكان العدميُّ إلا أنهم يعتبرون كلام ابن تيميّة نصاً لا يُخالَف! وقد يقول قائل إنَّ القول بأنَّ الله سبحانه وتعالى خلق العالم من العدم يقتضي مرور أزمان على الله سبحانه وتعالى قبل خلق العالم ما كان يفعل فيها شيئاً!! فهذا الهراء الذي تعالى الله عنه مردود بأنَّ الزمان خُلِق مع العالم, فقبل العالم ما كان هناك زمان, فالزمان افتراضي أصالة ليس له وجود حقيقي. والدليل على أنَّ هؤلاء متخابطون في تقرير اعتقادهم هذا أنَّهم استشهدوا بالآيات والأحاديث التي فيها يتوهمون الإشارة إلى المكان ثُمَّ ينفونه ويقولون: هو عدميٌّ! وبعضهم قال بالجهة دون المكان! فقوله تعالى "الرحمن على العرش استوى" يأخذونه بالظاهر بمعنى الارتفاع, والارتفاع لا يكون إلا بين مكانين فهما ليسا عدميين! وكذلك حديث النزول استشهادهم به من جهة الحركة والانتقال إلى السماء الدنيا, أي وصولاً إليها, فإنَّ ما يستشهدون به من الآيات على علو الجهة على زعمهم كلُّها موهمة للمكان فلا دلالة على العلو إلا بالدلالة إلى المكان فبطل التخصيص, وذلك لأنَّ استشهادهم أصالة هو بهذه الآيات, واستشهادهم أصالة بما يوهم المكان فكيف ينكرونه؟! والقول بالمكان قول بقدمه وهذا كفر, وذلك لأنَّهم قالوا إنَّه سبحانه وتعالى في مكان, فكذلك يكون قبل خلق العالم, لأنَّه يستحيل عندهم كون الله سبحانه موجوداً من غير مكان!! والقول بأنَّ الله سبحانه وتعالى يجب وجوده في جهة ومكان كفرٌ من جهتين:

أ - القول بقدم المكان, والحلول بالمخلوقات –لمن قال بالحركة أو التسلسل بالأمكنة-.

ب - افتقار الله سبحانه وتعالى إلى المكان سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً

لكنَّهم قوم لا يعقلون!!

فبان أنَّهم يخادعون الناس هرباً من التزام القول بالحلول أمامهم "وما يخدعون إلا أنفسهم" وإنَّهم واللهِ يعتقدونه فبُعداً لهم. وقد يقول بعضُهم إنه الفراغ من غير وجودِ موجود, فنقول إنّ هذا الفراغ له طول وعرض فهو محدودٌ فموجودٌ فرجعوا إلى القول الأول إلا ببعض التعمِيَةِ والكذب.

ج- في الآية الكريمة "واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً" واضح أن المقصود هنا الاستكبار لا علو المكان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير