تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د- في الآية الكريمة في سورة الإسراء واضح أن كلمة " تعالى " مرتبطة بحرف الجرّ (عن) الذي يفيد المجاوزة, فتقيدت الدلالة الآن في تعاليه وتنزّهه سبحانه عن قول المشركين, وهذا القيد ينفي كون هذه الآية الكريمة دليلاً على علو المكان قطعاً, وكلمة "علواً" في الآية الكريمة نائب عن المفعول المطلق لأن المصدر من "تعالى" هو (التعالي) -وهذه لم تأتِ عن العرب سماعاً-, والمفعول المطلق يفيد التأكيد, وعند القطع بأن كلمة "تعالى" لم تعنِ علو المكان , كان التوكيد أيضا على التنزه لا على علو المكان وذلك من تَبَعِيّةِ المفعول المطلق لمعنى المُؤكَّد.

4 - "سبح اسم ربك الأعلى" [الأعلى-1] ,تواتر التسبيح (سبحان ربي الأعلى) في السجود .............................. ................... "قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى" [طه-68] , "فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى" [النازعات] , "وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" [آل عمران]. "واسجد واقترب" [العلق]

الآيات الكريمة في سور (آل عمران) و (طه) و (النازعات) دلالتها واحدة واضحة في علو الشرف والرتبة لا في علو المكان, فيكون المعنى في الآية الكريمة في سورة الأعلى بعلو المكان ظنياً ضعيفاً لوجود القرائن القويَّة فلا دلالة فيه على مراد من قال إنَّ الدليل على أنَّ الله سبحانه وتعالى في مكان فوقنا هو قولنا (سبحان ربيَ الأعلى) ,وغفلوا أنَّه سبحانه وتعالى قال "واسجد واقترب" فالقرب بالسجود وهو معنوي.

5 - "تعرج الملائكة والروح إليه" [المعارج-4] ,"إليه يصعد الكلم الطيب" [فاطر-10] ......... "بل رفعه الله إليه" [النساء-158] , "ثم إلى ربكم ترجعون" [السجدة-11] "إني ذاهب إلى ربي سيهدين" [الصافات-99] ,.

يستشهد المجسَّمة بالآيات الكريمة على أن الملائكة والعمل الصالح يصعد إلى الله تعالى, فالصعود إلى فوق, فإذن هو تعالى فوق!! وهذه نتيجة منطقية من مقدمتين صحيحتين إن سَلّمنا أنّ المقصودَ هو الظاهر, ولكن هناك قرائن تُذهِب المعنى عن هذا الظاهر وتجعله ظنيَّ الدلالة. فأوّل القرائن من الآية الكريمة في سورة النساء برفع الله سبحانه سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء الثانية كما في الحديث وليس حتى يصل الله تعالى, وحتى لو كان الحديث ضعيفاً يُعلم لغةً أنّ حرف الجرّ (إلى) يفيد انتهاء الغاية المكانية, أي إن أخذنا الظاهر من الآية الكريمة وجب فهمها بأن الله -سبحانه وتعالى عن هذا الخبط- رفع سيدنا عيسى عليه السلام حتى وصل إليه!! وهذا ممتنع حتى عند هؤلاء لأنهم يقولون إن علوّ الله تعالى على خلقه كمال, وحرف الجر أفاد انتهاء الغاية المكانية أي إنّه سينتهي الرفع في مكان الله تعالى عن ذلك, ولو وصل أحد إلى مكان الله تعالى!! لصار له مثل علوّ الله! فلا يكون سبحانه عالياً, وهذا يناقض قولهم بالكمال بالعلوّ, وهنا يجب حتى على هؤلاء إبطال الاستشهاد بهذه الآية الكريمة على علوّ الله سبحانه بالمكان. والقرينة الثانية باستدلالنا بالآية الكريمة "إليه يصعد الكلم الطيب" ترتكز على إحساسنا بما حولنا من أشياء, ولا يسعُ أحداً الاعتراضُ علينا بقوله إنّ الدلالة من الكتاب والسنة فقط!! لأن الحسَّ قد استشهد به هذا على أفضلية الأعلى مكاناً –مع أنّ هذا الاستدلال باطل- وإنما دليلنا بالواقع الذي لا يخالف فيه إلا من أنكر عقله, والحسُّ والواقعُ دليلُنا لمعرفة الشرع وضبطه, فالكلامُ هو المعنى الذي يحمله اللفظ والحرف أحياناً, المعنى يصل إلى المتكلّم إليه بطرق منها اللفظ, وهو إخراج الأصوات من الفم (فاللفظ لغة هو الرمي من الفم) , وتترتب الألفاظ على تقطّعات هي الحروف, والدليل على أنَّ الكلام هو المعنى دون الصوت والحرف قوله تعالى "وما كان لبشرٍ أن يكلمه اللهُ إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنَّه عليّ حكيم" [الشورى-51] فمن الكلام الذي يصلنا من الله سبحانه وتعالى الوحي أو بالرسول, فهذا واضح في مغايرة الكلام للفظ والصوت والحرف. ونعلم أن خروج الأصوات من الفم إنما هو بطاقة منه محدودة تُصرَف في تحريك عضو النطق, الذي يجعل للهواء أمام الفم تردداً محدوداً بطريقة معينة ينتقل بها الصوت إلى المستمعين, ونحن نعلم أن للصوت حداً وبعداً لا يتجاوزه لأن طاقته محدودة معلوم حدّها بالعلم, ومن الوهم كونها غير منتهية, وعلى قول هؤلاء بأن الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير