تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تعالى في مكان فإنه لن يخلو من أنه لن يصل الصوت إلى الله تعالى!! فلن يسمع أصواتهم وهذا باطل عندهم أيضاً, أو إن الله سبحانه -تعالى عن هذا الهراء- المسافة بيننا وبينه محدودة! أقرب من انتهاء حد أي صوت, هذا والصوت بيقى يتصاغر داخل مجال مكانيّ مُعَيَّنٍ كانحصاره داخل الغلاف الجويّ, هذا بالكَوْنِ في وسطٍ كالهواء والماء ... لكنَّ زعْمَ بعضِهم بالمكان العدمي والفراغ يقتضي عدم انتقال الصوت خلاله فلا يصل الله سبحانه وتعالىعن هذا كلَّه علواً كبيراً!! و أيضاً يكون من هو على رأس الجبل ومن هو أطول أقرب إلى الله تعالى!! فالتقرّب بالظاهر إليه سبحانه يكون بركوب المناطيد والطائرات والعيش في القمر! أو إنه تعالى حالّ في العالم وهذا ينكره هؤلاء مع أنَّه لا فرقَ بينهم وبين من قال بالحلول إلا بتحديدهم هذا الحلول!! إذ كل الاحتمالات المذكورة باطلة لأن الله تعالى يسمعنا من غير وصول صوت من مكان إليه سبحانه. وبتقرير أنه سبحانه عند هؤلاء لا يصله الصوت والحرف الذي تشكل به صار المعنى هو الصاعد, والمعنى ليس حسّاً فليس له مكان ولا حركة فإذن صعوده ليس مكانياً بل الرفع للتشريف. والحق أنّ الله سبحانه يسمع أصواتنا بقوله تعالى "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها" من غير آلة. وهنا إشارتان: الأولى هي بمحدودية العالم وكل شيء فيه ومنها الأصوات وذلك من قوله تعالى في آخر آية من سورة الجن" وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً" [الجن-28]. والإشارة الثانية إلى أن علماء أهل السنة قد توسّع بعضهم في العلوم الطبيعية في تقرير أصول الاعتقاد مثل الإمام السعد التفتازاني رحمه الله تعالى في كتاب شرح المقاصد. وهذه أفضل طريقة لإحقاق الحق عن بيّنة وحقائقَ لا يُخالف فيها, وهذه من أهمية علم الكلام التي ينكرها هؤلاء ليتغافلوا عن تناقض مذهبهم الواضح. والقرينة الثالثة بقوله تعالى " ثمّ إلى ربكم ترجعون" [السجدة-11] فرجوعنا إلى الله تعالى يوم القيامة هو للحساب وليس فيه وصول إلى مكانٍ اللهُ تعالى فيه, وهذا أوضح من أن يُشرَحَ!! فبانَ أنَّ المعنى ليس ما يتوهمه هؤلاء. والقرينة الرابعة بقول سيدنا إبراهيم عليه السلام في سورة الصافات "إني ذاهب إلى ربي سيهدين" [الصافات-99] وذهابه عليه السلام من العراق -أعزَّها الله- إلى فلسطين –نصرَ اللهُ أهلَها- لا إلى ما فوق السموات العُلى!! وليس لقائلٍ أن يقول إنّ ذهابه عليه السلام بعد موته فَيَصِلَ الله تعالى! وذلك بأنّ السياقَ واضحٌ برجائِه عليه السلام الهدى من الله سبحانه وطلب الهدى في الدنيا أولى فلا طلب بذلك –إن كان كذلك- للآخرة إلا بطلبه في الدنيا, وكذلك بدعائه عليه السلام في الآية التالية "ربّ هب لي من الصالحين" [الصافات-100] طلباً تحقَّقَ في الدنيا. فبان بوضوح في هذه الآية الكريمة أنّ أقصى ما يستشهد به هؤلاء بالقول بالرفع والصعود هو محضُ وَهْمٍ وهُرَاء!

6 - "ثمّ استوى إلى السماء" [البقرة-29] "ثم استوى على العرش" ............. "وقد أفلح اليوم من استعلى" [طه-64] , "و الله غالب على أمره" [يوسف-21] , "إن فرعون علا في الأرض"

ومن الشعر قال الشاعر: قد استوى بشر على العراق من غير سيف و دم مهراق

وقال آخر إذا ما علونا واستوينا عليهم جعلناهم مرعى لنسر وطائر

وقال زهير: تَداركْتُمَا الأحلافَ قد ثُلَّ عَرشُها وذُبْيانَ إذ زلَّتْ بأقدامِها النَّعْلُ

الآية الأولى وردت في سورة [البقرة-29] "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء" وفي سورة [فصلت-11] "قل أئنكم تكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرها قالتا أتينا طائعين", والاستواء على العرش ورد في ستة مواضع, خمسة منها "ثمَّ استوى على العرش" في سور الأعراف ويونس والرعد والفرقان والسجدة, والسادسة "الرحمن على العرش استوى" في سورة طه, وأربعة من الخمسة الأخرى دون سورة الرعد فيها ذكر خلق الأرض ثمَّ الاستواء مثل الآية الكريمة في سورة السجدة "الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثمَّ استوى على العرش" [السجدة-4] وهنا اشتراك بين الآيات الكريمة في ذكر خلق

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير