تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في الآية الكريمة من سورة الملك, فالمشي في الطرقات يحُدّ الماشي عن غيرها ويحصره بين جوانبها, فما أفاد حرف الجرّ (في) معنى حرف الجرّ (على) بكماله بل بقيد الظرفية البينيّة المذكورة. ودليلٌ ثانٍ بأنه جاز أن يكون المذكور في السماء مَلَكَاً, لمعرفتنا بأنه هناك ملائكة للجبال والأمطار والعذاب – اللهم عافِنا- فجاز أن يكون من تعذيب الله سبحانه بالملائكة, وجاز هذا كما قال تعالى "أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله" [يوسف-107] وقال سبحانه "أفأمنوا مكر الله" [الأعراف-99]. والدليل الثالث هو بجواز كناية العرب بعلو المكان على علو الرتبة والشرف فَمِمَّا قالوا:

قال عنترة: (ولا أسلو ولا أشفي الأعادي ............... فساداتي لهم فخر وفضل

أناس أنزلونا في مكان ................... من العلياء فوق النجم يعلو)

قال الأخطل: (بنو دارم عند السماء وأنتم ................... قذى الأرض أبعد بينما بين ذلك)

وبعد هذه الأبيات ما من تعليق في توضيح معانيها لوضوحها بذواتها, وقيل إنّ من أكبر المعضلات توضيح الواضحات! وبها الرد على من استشهد منهم بحديث الجارية, بجواز ذكر المكان كناية عن العظمة, هذا ومن غير هذه القرينة في إبطال مقصود المجسمة من هذا الحديث ثانياً ما سبق من امتناع كون الله سبحانه داخل السماء أو ملاصقاً لها. وثالثاً صحّة الرواية الأخرى التي لفظها "أتشهدين أن لا إله إلا الله" في مصنّف عبد الرّزّاق برواية عطاء بن يسار أحد رواة لفظ (أين الله) , وفي موطّأ الإمام مالك رضي الله عنه من طريق الزهري, وروى من هذه الطريق الحافظ عبد الرّزّاق أيضاً ورواه الإمام أحمد بسند رجال الصحيح كما ذكره الحافظ الهيثمي, واختلاف الرواة في اللفظ هو الاضطراب, وقد أشار إلى اختلاف اللفظ الإمام البيهقي رحمه الله والحافظ البزار في مسنده والإمام ابن حجر العسقلاني رحمهم الله. ورابعاً أنّ أحد رواة الحديث بلفظ (أين الله) وهو هلال بن أبي ميمونة ليس ثقة عند كلّ من نقد الرجال, فقد قال الإمام النسائي: (ليس به بأس) وهذه تفيد أنّ حديثه حسن لا صحيح بكون القول من أدنى مراتب الصحّة. وقال أبو حاتم الرازي: (شيخ يكتب حديثه) وهذه أفادت أنّ الراوي ليس بحُجّّة عند أبي حاتم كما ذكره الحافظ الذهبي في {سير أعلام النبلاء} , وقال يعقوب الفسوي في كتابه {المعرفة والتاريخ} إنّ هلالاً ثقة حسن الحديث يروي عن عطاء بن يسار أحاديث حساناً, وحكم الحافظ ابن عبد البر بأنّ هذا الحديث حسن في كتابه , , خامساً أنّ سؤال سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلّم عن الإيمان كان دائماً بالطلب بالتلفظ بالشهادتين والإقرار بوجود الله سبحانه وهذه الرواية تخالف ذلك. فعلى هذا لو لم تكن رواية (أين الله) ضعيفة كانت حسنة السند , وإن كانت صحيحة السند كانت مضطربة, وحتّى لو صحّ الحديث سنداً لم يكفِ لاحتمال خطأ الراوي ووَهْمِه فيبقى الأمر ظنّا بعد هذا كلّه!! ويستشهدون بالآية الكريمة من سورة غافر بأنّ فرعون عليه لعائن الله تترى قد أخبره سيدنا موسى عليه السلام أنّ الله سبحانه وتعالى فوق السماء فبنى فرعون بناءً يصل السماء ليرى الله!! فسبحان مُقَسَّم العقول! والرد على هذا الوهم من أمور عدّة: أولاً أنّ فرعون الكافر هو صاحب الكلام فجاز أنّه كذب فيه على سيدنا موسى عليه السلام. وثانياً إنكار فرعون وجود إله غيره فقد قال الله سبحانه وتعالى "وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري" [القصص-38] وقال تعالى عن إنكار فرعون "قال فرعون وما ربّ العالمين" [الشعراء-23] فأجابه سيدنا موسى عليه السلام "رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين" ثمّ أجابه "ربّكم ورب آبائكم الأوّلين" ثمّ في الثالثة "ربّ المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون" فإشارة سيدنا موسى عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام إلى عظمة الله تعالى بخلقه من المشاهد بعكس فرعون الذي حوّل مفهوم الألوهية إلى ما يُدرِك, فيكون الإله الذي أرسل سيدنا موسى عليه السلام نِدّاً لفرعون لعنه الله, فقاس فرعون وجود ندّه المتوهّم على نفسه فتحقّق فيه التجسيم الذي تحقّق في هؤلاء!! وثالثا هو بالدلالة بإنكار فرعون وتكذيبه سيدنا موسى عليه وعلى رسولنا الصلاةُ والسلام, فالتكذيب إمّا أن يكون لمطلق القول بوجود

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير