تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله سبحانه وتعالى, أو لمطلق كون الله سبحانه وتعالى في مكانٍ فوق, أو لكون الله -سبحانه وتعالى عن هذا- في مكان فوق وهذا المكان لو صعد إليه مخلوق لرأى الله!! سبحانه وتعالى", والاحتمال الثالث حتى عند المجسمة باطل عند عقلائهم, ووصل الإنسان القمر فما حصل هذا!! والاحتمالان الثانيان لا يترجّح أحدهما على الآخر بقطع فينتفي المعنى الثاني فيكون أقصى الاستدلال بالظنّ! ورابعاً هو بما لحق من الآية الكريمة فقال سبحانه وتعالى "وكذلك زُيَّن لفرعون سوء عمله وصُدّ عن السبيل" فلو كان الله -سبحانه وتعالى عن ذلك- في مكان فوق لما كان هناك سوء في عمل فرعون ولما صُدّ عن السبيل! لأنّه لو بنى هذا البناء الذي يصل إلى أسباب السموات لوصل الله سبحانه وتعالى! فعند المجسّمة ينزل الله سبحانه إلى السماء الدنيا فلربّما رآه فرعون!! هذا ولا يمنع المجسمة رؤية الله سبحانه إحاطة لأنه عندهم جسم ذو تشاكيل سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوّاً كبيراً, ولكنّ فرعون لعنه الله صُدّ عن السبيل بأن قارن نفسه الشقيّة بالله واجب الوجود سبحانه فجسّم في وهمه اللهَ -سبحانه وتعالى عن ذلك-, وزُيّن لفرعون سوء عمله بالسخرية واستضعاف سيدنا موسى -عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام- وأن ينفي وجود الله سبحانه ساخراً بوضع لازم باطل هو أنّ كل موجود له مكان, وما كان بمكان كان حادثاً, فما من إله بذاك المعنى!! والردّ على هذه الفرية قد مضى مع أنّ القول بأنّه ما من موجود إلا وهو جسم أو قائم بجسم قولٌ أحمق مبني على قياس الحقَّ سبحانه بالخلق, ولا يدري هؤلاء أنّ الله سبحانه ما دام لا يشبهنا فوجوده ليس كوجودنا من لزوم الحيّز لنا وغيره من التأثر بالزمان والتّكَمُّل والحدود, وهذا باختلاف الصفات النفسيَّة, إذ إنَّ من صفاتنا النفسية التحيَّز والكتلةولو كنَّا أمواتاً, ولا يجوز نسبة هذه لله تعالى لأنَّه قياس مع الفارق, وعلى هذا ينتفي الاستشهاد بهذه الآية الكريمة على مقصود المجسَّمة. ويحتج بعضهم بحديث (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وكذلك (إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها) على أنّ الله سبحانه وتعالى في السماء, لكنّ الدلالة فيه ظنّيّة في ذات الذي في السماء إذ لا مانع لُغةً من أن الملائكة هي التي ترحم بني آدم وهي التي تلعن التي تهجر فراش زوجها لما ورد في صحيح الإمام مسلم أيضاً, والرواية في مسند الإمام أحمد (ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء) تُرَجَّح كون الملائكة الكرام هم المقصودون لأنهم هم أهل السماء, فتصير الدلالة التي يزعمها هؤلاء ظنّاً يؤول إلى الوَهم من ضَعفه. وحديث حسر المنكبين لأن المطر حديث عهد بربّه! يخالف الحسَّ ظاهرُه بأنّا نعلم أنّ المطر يأتي من الغيوم التي هي في السماء الدنيا فيكون الله سبحانه وتعالى عند الغيوم!! وهذا ينكره المجسمة, أو بالقول بأنّ المطر كان أقرب إلى الله سبحانه منّا!! وعلى هذا من كان على جبل كان أقرب إلى الله سبحانه ممن هو تحت الجبل! وغير ما سبق في الردّ على هذا قولُه تعالى في آخر آية من سورة العلق "واسجد واقترب" فالاقتراب بالسجود لا بالارتفاع!! وحديث رفع الإصبع وقول (اللهم اشهد) فإنّ العادة هي برفع الإصبع بالشهادة مثل التشهّد بالصلاة وإشهاد الناس شيئاً, وأيضاً هناك روايات أخرى للحديث مثل بسط اليدين ورواية من غير الإشارة, وثالثة برفع اليدين كما في الدعاء, فصار الحديث ظنيّ الدلالة كما هو ظني الثبوت فصار احتجاجهم وَهْماً, وهنا الإشارة إلى أنّ احتجاج المجسمة برفع اليدين للدعاء على أنّ الله تعالى في مكان فوقَ باطلٌ لأنّ بالدعاء تذلُّلاً لله سبحانه وتعالى فيضع المرء كفَّيه كطالبِ امتلائهما اعترافاً منه أنّ يده هي الدنيا ويد الله سبحانه هي العليا {مجازاً!!} كالمتسوّل حتى لو كان أطول قامة ممّن يعطيه لكنّه يتصغّرُ له ويجعل يدَهُ دون يدِه, فكيف التذلُّلُ للقهار سبحانه وتعالى؟! ولو قال قائل إنّ هذا التصريف تعليلاً لرفع اليدين في الدعاء احتمالٌ ضعيفٌ أو لا يراه كلّ الدّاعين قيل إنّ التكليف والتعبّد في الشرع بكونه توقيفياً يجب أن تكون علّته مذكورة بالشرع توقيفياً, فلمّا ما ذُكر تعليلُ ذلك بالشرع صار تعليلُه أصالةً ظنَّياً باجتهاد الناس فلا دلالة فيه إلا بالظن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير