تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكن بقدر ما أثرت الصحافة في اللغة إيجابا، كان لها تأثير سلبي، فبسبب ضعف الكوادر واتساع هذه الوسيلة وغياب العنصر المثقف المهني فيها، أدى إلى ضعف لغوي أدائي وإعلامي انعكس على الصحف نفسها، وسبب ضعفاً في أبوابها، فهي تعتبر منبرا إعلاميا جماهيريا وثقافيا وسياسيا وديمقراطيا، لكن كل من يكتب بها نسي ذلك فراح يكتب بأسلوب أدبي، ذاتي، بعيدة عن اللغة الإعلامية الجماهيرية الفصيحة المبسطة، فقدت الصحيفة هذا المنبر.

فالإغراق في استخدام العامية، وتهجين الفصحى مما جعلها ضعيفة في بلورة فصحى مشتركة. فيظن معد و البرامج أنه حينما يسهل اللغة الفصحى تصبح لهجة عامية دارجة كي يفهم الجمهور، لكنه يحاول عبثا فتظل على الجمهور صعبة.

أنواع الاتصال

مع أن التلفاز وسيلة إعلام مميزة، لكنها ذات تكلفة عالية بالنسبة للإذاعة، فالإذاعة أكثر قدرة ووفرة، وأقل تكلفة، وهي من أهم وسائل الإعلام الجماهيرية، لقدرتها على الإيصال السريع، وهي تسهم في تشكيل الرأي العام واحترامه، وتتحقق التقارب الذهني بين الجماهير والسلطة، وتغني عملية الإصغاء؛ لأنها تعتمد على الأذن، و تخلق التخيل المباشر. وتزداد أهمية الإذاعة إذا ما أدركنا أن الجماهير العربية،جماهير سمعية، وذلك بسبب نسبة الأمية العالية بين صفوفها، لكن ما تزال ظروف تحسين الاستماع وتحسين اللغة دون مستوى الطموح، الأمر الذي يستدعي تطوير الأجهزة تكنولوجياً، واستثمار الطاقات المبدعة، و تشكيل أقسام للبحوث ولجان استشارية، من خارج المؤسسات الإعلامية.

السينما: شبيهة بالإذاعتين (الصوتية و المرئية)، لكن هنا تغلب عليه روح الجماعة فيتأثر بها، علماً بأن التلفاز تجتمع فيه الصورة والصوت، وهو أقرب إلى السينما، لكنه يعتمد على المنظور في المقام الأول.

أسباب ضعف توجهات وسائل الإعلام الجماهيرية:

كون تبادل البرامج الإذاعية والتلفزيونية، يكاد يكون جغرافيا مقتصراً على بلدان الخليج من جهة، وبلدان المغرب العربي من جهة أخرى، فما زال على العرب أن تبحث عن وسائل إعلامية جماهيرية بلغة عربية فصيحة مشتركة، لتصل إلى تكامل الحياة القومية وإثراء القيم الإنسانية.

ثالثاً:

الفصحى المشتركة لغة الحضارة الإعلامية

الإعلام فن حضاري، ولغته لغة جديدة، وهي تعد نظاماً إعلامياً، فمشكلة اللغة، بحد ذاتها في فاعلية وسائل الإعلام الجماهيرية، فمثلا: البلدان التي تتعامل بأكثر من لغة واحدة، تواجه الجهات المسؤولة صعوبة في تعميم الإعلام الجماهيري، أما البلدان التي تتعامل بلغة قومية، فالمشكلة تكاد تنحصر إلى حد ما، وقد بشّر " ويلز" قبل عدة عقود بلغة جديدة، وبلاغة جديدة، وعبّر أن حاجة العصر تستلزم لغة إعلامية جديدة.

ذهب بعض الباحثين إلى أن الناس تبني حضارتها وفق عالم اللغة، فهؤلاء يخضعون إلى عالم اللغة التي هي وسيلة تعبير لهم، والواقع يرتكز لا شعوريا على العادات الغوية للجماعة ولا تحيط بالنطاق المادي، والحياة الاقتصادية فقط.

إن وسائل الإعلام الجماهيري بما فيها اللغة، أصبح لها تأثير عظيم على عقول الناس، وعلى سلوكهم، وتغيير مداركهم، ومواقفهم الخاصة، وتشكيل آرائهم، فهي تجعلهم ينزعون إلى التجديد وإلى تحمل المسؤولية، والإسهام في عمليات التنمية القومية، على جميع الصعد.

إلى ماذا يهدف الإعلام الجماهيري؟

ـ الوصول إلى جميع قطاعات المجتمع، والتواصل معها، والتأثير فيها وصولاً إلى تكاملها.

ـ توحيد مشاعرها، عبر مشاركة إيجابية قطرياً، قومياً، واللغة هي الوحيدة المكونة إلى هذا، وهي الحلقة الأساسية في سلسلة الحلقات في وسائل الاتصال.

ظهر الإعداد لفصحى مشتركة، فهي أقرب من غيرها إلى إحداث التكامل، لأنها مفهومة من قبل العامة، هذا على الصعيد القطري، وهي عبارة عن وسيلة تقارب بين مستويات اللغة: العلمية، الأدبية، والعملية.

أما على الصعيد القومي، فإن لغة الإعلام،الفصيحة، المشتركة، المبسطة، والمعبرة هي اللغة الوسط، لتعميم الإعلام وتأثيره، لكي يقوم بدوره في عملية التواصل، وفي إلغاء عنصر المكان، وتنمية الوعي القومي كماً ونوعاً.

فالتوسع في اللغة الفصيحة انتقل إلى استعمال اللهجات العامية بشكل مفرط، مرتبطة بالإقليمية، وإذا تفشت واستمرت فهذا على حساب الفصحى، مع أن التطور الإعلامي يؤثر على الوطن العربي، وعلى اللغة العربية، إيجابياً.

المشاركة الواسعة المنشودة من الإعلام الجماهيري لا تتحقق إلا بلغة مشتركة، الفصحى المشتركة، ولاسيما أنّ العرب يبثون إلى الجماهير العربية من القمر الصناعي،فهذا يتطلب منهم الاهتمام باللغة الفصيحة لأنها الوسيلة الأولى للتواصل مع هذه الجماهير العربية المتنوعة اللهجات، لذا تمسي الفصيحة اللغة الإعلامية الأوسع، والمستخدمة، وهي لغة الحضارة، وهي سهلة، أليفة، معبرة، مفهومة، وهذا لا يؤثر في اللهجات الشعبية والعامية المحلية.

لا بد من طرح السؤال الآتي:

هل وفر الإعلام أرضية للغة الفصحى؟

الإعلام من واجبه أن يسعى حثيثاً نحو تعميم اللغة، فتعميمها والالتزام بها، يعني الالتزام بالمجتمع القومي الأوسع، وبالعروبة، وهذا غير مستلهم إلا من خلال اللغة.

فكما قال " هردر": بأن قلب الشعب ينبض بلغته، وأن روح الشعب مكنونة في لغة الآباء والأجداد ".

ننتهي من العرض الآنف إلى أنّ:

• ضعف لغة الإعلام الجماهيري في عملية التكامل القومي، بسبب شيوع اللهجات العامية.

• اختلال التوازن بين اللغة المعتمدة،وبين التقدم التكنولوجي الهائل، الحاصل في وسائل الاتصال.

• غياب الخطط المفصلة، والمنسجمة مع الأهداف.

• ضعف العلاقة بين الاختصاصين والمبدعين من جهة، وبين وسائل الإعلام من جهة أخرى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير