تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبقيت حفصة عاكفة على العبادة، صوّامة قوّامة إلى أن توفيت أول ما بويع معاوية سنة إحدى وأربعين، وشيّعها أهل المدينة الى مثواها الأخير في البقيع مع أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن-

نشأت في بيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنها – نشأة كريمة عزيزة، تحترم الأب وتخشاه في آن معا، لما كان عليه من شدة وقسوة في جاهليته.

عندما أسلم عمر، عاد الى داره بوجه متهلل يشع نورا، كلامه لين معسول. ففرح أهل البيت بإسلامه. وانطلقت في سماء الدار نسمة الرضى كالنور الساري.

وأسلمت حفصة ... وأقبلت، وهي لا تزال صغيرة، على الدين بكل جوارحها، بفؤادها وعقلها وحسها، وتغلغل الإسلام في أعماقها.

بلغت حفصة سن الزواج، فخطبها من أبيها خنيس بن حذاقة، الشاب المسلم المؤمن. فرحب عمر به وأكرم مثواه. هذا الشاب أسلم على يد أبي بكر الصديق.

وعاشت حفصة مع زوجها في وفاق ومحبة. فقد كانت تعرف حقوقها وواجباتها، تقدر المسؤولية، وترعى أمور بيتها بحكمة.

وهاجرت حفصة وزوجها الى الحبشة، ثم الى المدينة التي هاجر اليها الرسول الكريم وأصحابه بأمر من الله عز وجل. فأخذت حفصة تتلقى تعاليم الإسلام. فأخذت تحفظ ما يتنزل به الروح الأمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعيه، وتفكر في معاني القرآن الكريم تفكيرا رفعها الى درجة العابدات.

أما زوجها خنيس، فأخذ يراقب تحركات المشركين الذين أخذوا يثيرون الشغب على المسلمين. وفي السنة الثانية للهجرة، خرج المسلمون بقيادة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لمعركة بدر التي شاركت فيها الملائكة للقتال لقول الله عز وجل في سورة الأنفال: " ما رميت اذ رميت ولكن الله رمى ". وكان من بين المحاربين آنذاك خنيس زوج حفصة، وأبوها، وكثيرا من أقاربها.

وراح خنيس يقاتل بشجاعة وقوة، حتى أصابته سيوف المشركين في مواضع من جسمه. وانبعثت الدماء من جروحه. لكنه ظل يقاتل مع المسلمين حتى انسحب المشركون.

بعد انتهاء المعركة، بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام في بدر، ريثما يستعيد المسلمون نشاطهم. وكان خنيس قد توقف النزف من جراحه. وعاد خنيس الى زوجته حفصة التي راحت تعالج جروح زوجها بعناية واهتمام. لكن الله عز وجل كتب له الشهادة.

فاستشهد وترملت حفصة وهي في سن مبكرة. وحزنت حزنا شديدا. لكنها احتسبت فقيدها عند الله عز وجل. وفي بيت والدها، واصلت طاعة الليل بعبادة النهار. ووالصلت الصلاة بالصيام. لعل الله عز وجل يجبر كسرها. فقد ترملت ولم تبلغ التاسعة عشرة.

وبقيت حفصة أرملة بضعة أشهر. ثم تزوجها خير الخلق أجمعين، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. ووصاها والدها ألا تغار من عائشة. فسيدنا محمد يحب أبو بكر كثيرا ويأتمنه على أسراره أكثر مما يفعل مع والدها. وحبه لعائشة كبير فقد تزوجها بأمر من الله إذ نزل جبريل بصورتها وأقال له أنها زوجته في الجنة. وأنه شرف لها أن تكون قد دخلت في عداد أمهات المؤمنين. فلتطع زوجها ولتكرمه. وهكذا فعلت حفصة رضي الله عنها.

لكن هناك 3 أمور جعلت سيدنا محمد يفكر بالطلاق من حفصة وهي:

1. الإتفاق مع عائشة على الطلب بزيادة النفقة.

2. مجادلتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في تفسير آيات القرآن الكريم.

3. إذاعة ما حصل مع مارية التي هي من السرايا عند رسول الله.

ماذا فعلت مارية؟ لقد أقامت مارية مع سيدنا محمد مدة بغياب حفصة في بيتها، وفي يومها، وعلى سريرها. الأمر الذي أثار غضب وغيرة سيدتنا حفصة. فوعدها سيدنا محمد أن يحرّمها على نفسه إن هي كتمت ما حصل. والذي حصل هو من الأمور المشروعة آنذاك. إذ أن السراري إذا أنجبت ولدا من سيدها، تصبح حرة وتتحرر من العبودية.

لكن سيدتنا حفصة أخبرت صديقتها عائشة بأن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قد حرّم مارية على نفسه. وانتشرت القصة بين زوجات النبي الكريم. فأراد تطليقها. وجاءه سيدنا جبريل عليه السلام وطلب منه ألا يطلقها إذ هي صؤوم قؤوم وهي من نسائه في الجنة. واشتهرت حفصة بأنها كانت قليلا ما تفطر، وتقوم أكثر الليل للصلاة والدعاء والذكر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير