قال ابن عباس:" علّمه الأسماء كلّها وهي هَذِهِ الَّتِي يتعارَفُها الناس من دابة وأرض وسهل وجبل وحمار وأشباه ذَلِكَ من الأمم وغيرها ".
2 - أنه ليس لدينا دليل قاطع يعيّن لغة آدم عليه السلام وكل ما قيل في ذلك ليس عليه دليل لأن ذلك من علم الغيب الذي لا يعلم إلا بخبر صادق عن الله أو عن طريق رسله المكرمين بوحي منه تعالى.
3 - أن الأصل في اللغة الاختلاف وعدم الاتحاد وذلك من آيات الله تعالي في الكون كما قال سبحانه في سورة الروم: " ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ".
واللسان هو اللغة.
ونستفيد من هذه الآية أن اللغات المختلفة ربما وضعت وضعاً دون أن تكون متفرعة من لغة أصلية عامة كما يسميها البعض اللغة الأم وإذا علم هذا زال عنا الإشكال في تنوع اللغات الإنسانية واختلافها وأن ذلك من الله تعالي لا نعلم كيف حدث.
4 - أن اللغة العربية ليست هي اللغة التي حازت كل الفضائل كما يقوله البعض فهناك لغات أخرى لها من الفضائل والقداسة بعض ما للعربية كالعبرية مثلاً إذ نزل بها التوراة والإنجيل وهما من كلام الله تعالى.
5 - أن النظريات المذكورة في نشأة اللغة ليست متعارضة والأولى الجمع بينها فيقال إن الأصل في اللغة أنها بتعليم من الله تعالى علمها آدم عليه السلام وتوارثها أبناؤه من بعده.
وما ورد من ألفاظ اللغة محاكياً للطبيعة كأسماء الأصوات في العربية مثلاً لا ينافي القول بربانية اللغة لأن من مقتضيات ربانية اللغة أن تكون حكيمة متناغمة مع الكون والطبيعة كملائمة الإسلام لكل زمان ومكان.
وكذا القول بالاصطلاح في نشأة اللغة لا يعارض ربانية اللغة لأن ذلك من باب التوسيع على الخلق في أن يتحادثوا بما يناسب زمانهم من مسميات الحياة ومخترعاتها.
6 - أن تأثير الاصطلاح في توسيع اللغة لا ينكر فإن الناظر في معاجم المخترعات الحديثة التي نقلت إلى العربية مثلاً وعربت عن طريق المجامع اللغوية كمجع القاهرة ودمشق لا يشك طرفة عين في تأثير الاصطلاح في نماء اللغات.
7 - أن نتائج البحث في نشأة اللغة ستظل ظنية مهما كثر القول فيها لأن نشأة اللغة من علم الغيب الذي يحتاج إلى خبر من علام الغيوب سبحانه ولهذا أرى أنه لو أمعن الباحث في هذه المسألة في نصوص القرآن والسنة المكرمة لربما وجد الإشارات التي توصله إلى اليقين في هذا المجال.
ولهذا منعت الجمعية اللغوية الفرنسية في بداية القرن العشرين البحث في هذه المسألة ورفضت استقبال البحوث في هذا المجال لأنه في نظرها لا فائدة من البحث فيها لعدم توصلهم إلى نتائج حتمية في هذا المسألة لأنها لا تخضع لواعد البحث الطبيعة المحسوسة.