تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإن كان دالا على ذات دلالة العلم على مسماه مع النظر إلى المعنى الذي اشتق منه: فإنه يكون أضعف من الفعل، وإن كانت دلالته في تلك الحال: ثنائية كالفعل، فهو يدل على ذات ووصف، كـ: "قاتل" إن أطلق على شخص بعينه قام به معنى القتل، وسبب ضعفه: أنه فرع على الفعل في العمل، بدليل أنه لا يعمل مطلقا كالفعل، بل يعمل بشروط قررها النحاة من قبيل: اشتراط اتصاله بـ: "أل" الموصولة ليعمل مطلقا، أو اعتماده على أمور إن جرد عنها، وبطلان عمله في الزمن الماضي إن كان مجردا، فدلالته الزمنية أضيق من دلالة الفعل الزمنية، فلا يعمل عندئذ إلا إذا دل على زمن حاضر أو مستقبل، وعليه خرج النحاة عمله في قوله تعالى: (وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)، على استحضار الصورة المنقضية، فآل الكلام إلى: وكلبهم يبسط ذراعيه، فلا يعمل في صورة ماضية إذا كان مجردا إلا بهذا التأويل.

ويقال كذلك بأن من أمارات ضعفه: عدم تغير ضميره المستكن فيه بتغير سياق الكلام من: تكلم إلى خطاب إلى غيبة، فالضمير المستكن فيه في جميعها: ضمير مستتر تقديره: "هو"، ففي قولك: أنا كريم، أو: أنت كريم، أو: هو كريم، الضمير المستتر في "كريم" في جميعها تقديره: "هو"، بخلاف الضمير المستتر في نحو: أنا أسافر، و: أنت تسافر، و: هو يسافر، فهو في الأول: "أنا"، وفي الثاني: "أنت"، وفي الثالث: "هو"، فتغير تبعا لتغير سياق الكلام، ولذلك كان مما يحتاج إليه في الإعراب، بخلاف الضمير المستتر في اسم الوصف فإنه لجموده على صورة واحدة لا تتغير: لا يحتاج إليه في الإعراب فلن يضيف جديدا يميز إعراب ما استكن فيه. وهذا الضعف عند التحقيق راجع إلى كونه: فرعا على عامله، فضعف ضميره في مقابل ضمير عامله فرع على ضعفه في مقابل عامله.

ومن أمارات ضعفه أيضا:

أنه لا يعمل إلا في الظاهر، كقولك: أقائم الزيدان؟، بخلاف الفعل فإنه لقوته وعراقته في الباب يعمل في: المضمر والمظهر.

فتقول: قام فيستتر فيه الفاعل: الضمير المستتر، فهو مما يحتاج إليه في الإعراب بخلاف الضمير المستكن في المشتق فإنه ضعيف لا يحتاج إليه في الإعراب كما تقدم.

وتقول: قام زيد، فيرفع الفاعل الظاهر.

ومنه دلالة العلم واللقب:فإن العلم يدل على الذات مطابقة فـ: "محمد" علم يدل على الذات المسماة به دلالة مطابقة، بينما اللقب أعم من جهة دلالته على المسمى وعلى وصف قائم به، كوصف "محمد" بأنه: "كريم"، فإن اللقب دال على الذات التي أطلق عليها والمعنى الذي اشتق منه، على كليهما: دلالة مطابقة، وعلى أحدهما: دلالة تضمن، ولذلك حسن في لسان العرب تقديم العلم على اللقب، فتقول: جاءني محمد الكريم، ليكون في الكلام تأسيس فائدة جديدة، فيذكر العلم أولا مجردا مطلقا، ثم يذكر ثانيا مقيدا باللقب، فيستفيد المخاطب فائدة جديدة، إذ اللقب، كالخبر، حكم يتأخر عن المحكوم عليه، على تفصيل في ذلك، بخلاف ما لو ذكر اللقب أولا، فإن المخاطب يحصل الفائدة ابتداء، فيكون ذكر الموصوف مطلقا بعد ذكره مقيدا بالوصف تكرارا لا يفيد جديدا، وإذا دار الكلام بين تأسيس فائدة جديدة وتوكيد ما تقدم بالتكرار، فحمله على التأسيس أولى، فيترجح ذكر العلم مؤسسا لفائدة الدلالة على الذات، ثم اللقب مؤسسا لفائدة جديدة: فائدة وصفه بالمعنى الذي اشتق منه اللقب.

ومن ذلك أيضا:

دلالة الكناية: فإن الكناية كما عرفها البلاغيون: انتقال من ملزوم إلى لازمه، كما تقول: فلانة بعيدة مهوى القرط، كناية عن طول عنقها، فإن فيه انتقالا من بعد مهوى قرطها الذي يتدلى من أذنها إلى لازم ذلك من طول العنق، وهي دلالة اقترانية فلا ينفك فيها الملزوم عن لازمه مع جواز إرادة المعنى الحقيقي، كما في الصورة السابقة: فهي كناية عن طول العنق وإن لم يكن قرط في الأذن، ومع ذلك لا يمتنع ذلك، بل إن وجوده أظهر للمعنى المكنى عنه. وهذا مما فرق به البلاغيون، كما ذكر صاحب الجواهر رحمه الله، بين: الكناية والمجاز، فإن إرادة المعنى الحقيقي في المجاز غير متصور، وإلا كان حقيقة لا مجاز فيه!!، فالمجاز قسيم الحقيقة فلا يجتمعان.

ومن ذلك أيضا:

دلالة الربوبية على الألوهية، ودلالة الألوهية على الربوبية:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير