تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 01 - 2009, 09:40 ص]ـ

ومنها: دلالة التواطؤ:

فهي تقترب من دلالة المشترك المعنوي إن لم تطابقها:

فهي دلالة الألفاظ على معنى كلي جامع مع اختلافها في المعنى الجزئي، فالمعنى الكلي: قدر مشترك، والمعنى الجزئي: قدر فارق.

وعرف صاحب "تلخيص الروضة"، رحمه الله، الأسماء المتواطئة بقوله: "هي الأسماء المطلقة على أشياء متغايرة بالعدد متفقة بالمعنى لدى وضع الاسم عليها كـ: "الرجل" يطلق على "زيد" و "عمرو"".

"تلخيص الروضة"، (1/ 24).

وعرفه بعض أهل العلم المعاصرين فقال:

"الكلي المتواطئ: هو ما يدل ويطلق على أفراد على حد سواء كالإنسان فإنه يطلق على زيد وبكر على السواء".

فالمعنى الكلي المشترك بين "زيد" و "عمرو" وهو: "الإنسانية": واحد لا تفاوت فيه، والتغاير في المسمى حاصل لاختلاف ذاتيهما، فذات "زيد" غير ذات "عمرو"، فكأنهما اتحدا في النوع، واختلفا في العين.

يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "الرسالة التدمرية":

"ولا بد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته، يفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق، للخالق في شيء من خصائصه، سبحانه وتعالى".

فلا بد من قدر مشترك في الأسماء تتواطأ فيه المسميات، وإلا بطلت دلالة الألفاظ على المعاني الكلية المجردة التي تثبت بها الحقائق الخارجية المقيدة، فقبل إثبات المثال الجزئي لا بد من إثبات القانون الكلي.

و: "الكليات لا توجد كلية إلا في الأذهان لا في الأعيان".

ويقول في موضع تال:

"وهكذا القول في جميع الصفات، وكل ما نثبته من الأسماء والصفات فلا بد أن يدل على قدر مشترك تتواطأ فيه المسميات، ولولا ذلك لما فهم الخطاب، ولكن نعلم أن ما اختص الله به، وامتاز عن خلقه أعظم مما يخطر بالبال أو يدور في الخيال". اهـ

ويقول في "شرح حديث النزول":

"ولولا أن هذه الأسماء والصفات تدل على معنى مشترك كلي: يقتضي من المواطأة والموافقة والمشابهة ما به تفهم وتثبت هذه المعاني لله ; لم نكن قد عرفنا عن الله شيئا ولا صار في قلوبنا إيمان به ولا علم ولا معرفة ولا محبة ولا إرادة لعبادته ودعائه وسؤاله ومحبته وتعظيمه. فإن جميع هذه الأمور لا تكون إلا مع العلم ولا يمكن العلم إلا بإثبات تلك المعاني التي فيها من الموافقة والمواطأة ما به حصل لنا ما حصل من العلم لما غاب عن شهودنا". اهـ

ويقول ابن أبي العز رحمه الله:

"وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَفْهَمُ الْمَعَانِيَ الْمُعَبَّرَ عَنْهَا بِاللَّفْظِ إِلَّا أَنْ يَعْرِفَ عَيْنَهَا أَوْ مَا يُنَاسِبُ عَيْنَهَا، وَيَكُونُ بَيْنَهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ وَمُشَابَهَةٌ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَفَهُّمُ الْمُخَاطَبِينَ بِدُونِ هَذَا قَطُّ ............... فَالرَّسُولُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - لَمَّا بَيَّنَ لَنَا أُمُورًا لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي لُغَتِهِمْ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا، أَتَى بِأَلْفَاظٍ تُنَاسِبُ مَعَانِيهَا تِلْكَ الْمَعَانِيَ، وَجَعَلَهَا أَسْمَاءَ لَهَا، فَيَكُونُ بَيْنَهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ، كَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْإِيمَانِ، وَالْكُفْرِ، وَكَذَلِكَ لَمَّا خبرنَا بِأُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهَا قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ لَهُمْ أَلْفَاظٌ تَدُلُّ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا، أَخَذَ مِنَ اللُّغَةِ الْأَلْفَاظَ الْمُنَاسِبَةَ لِتِلْكَ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَانِي الْغَيْبِيَّةِ، وَالْمَعَانِي الشُّهُودِيَّةِ الَّتِي كَانُوا يَعْرِفُونَهَا، وَقَرَنَ بِذَلِكَ مِنَ الْإِشَارَةِ وَنَحْوِهَا مَا يُعْلَمُ بِهِ حَقِيقَةُ الْمُرَادِ، كَتَعْلِيمِ الصَّبِيِّ، كَمَا قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: "النَّاسُ فِي حُجُورِ عُلَمَائِهِمْ كَالصِّبْيَانِ فِي حُجُورِ آبَائِهِمْ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير