تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أعتقد أن تلك النازلة جديرة ببحثها، وشق جدار الصمت بشأنها وشأن المستحلين لإدامتها، بإعلان موقف شرعي واضح، حتى لا تمتد حماية اليهود لعقود أخرى، فالسكوت لن يبقي الأمور على ما هي عليه، بل ستتطور إلى ما هو أسوأ عندما يؤمن عدونا بمزيد من الاتفاقات "الأمنية" التي تضمن له من باب "حسن الجوار" الوقف الدائم ـ أو المؤبد ـ لإطلاق النار، ومنع وقمع كل من يقوم بـ"تهريب "أسلحة متواضعة إلى داخل قلعة ترسانة الأعداء المترعة بكل ما يدمر من الأرض ومن السماء والماء.

ثانيًا: بعد أحداث غزة عادت الأنظمة المتحكمة في مسارات النزاع، إلى الكلام عن عملية السلام، كخيار إستراتيجي للعرب جميعًا، مع أن ذلك الخيار لم يقل بجوازه أحد نعرفه من أهل العلم الأخيار، ومع ذلك يُفرض التوجه إليه والعمل على أساسه رغم عدم استناده إلى أي أسس شرعية، أو فتاوى علمية، فإلى متى سيظل فرض ذلك الخيار "الإستراتيجي"وليس "التكتيكي"، أصلًا تصمم على وفق السياسات، وتُبرم بموجبه المعاهدات وتُوقع الاتفاقات وتُطلق المبادرات؟!

ومن أذن لهؤلاء الساسة أن يتحدثوا ويتصرفوا على أساس أن الناس كلهم، بخواصهم وعوامهم، قد ركنوا إلى الذين ظلموا وتبنوا خيار مسالمة الأشرار، ومصالحتهم على "حق الوجود"الدائم والآمن على بقاع شريفة ومقدسة من بلادنا الإسلامية، وفق اتفاقات إلزامية لها صفة القانونية الدولية؟!

إذا كان الساسة العلمانيون لا يفقهون، فإن من حق خير أمة أخرجت للناس أن تفقه حقيقة مثل تلك الخيارات الاستسلامية، وخطر إقرارها أو الرضا بها على العقيدة الإسلامية، وذلك لن يكون ما لم يقل أهل العلم كلمتهم في ذلك الخيار المرفوض المفروض، من الولاية القسرية للعلمانية العربية المتعاطفة مع كل العلمانيات العالمية، والمتخاصمة فقط مع مقررات علومنا الدينية، بأدلتها الشرعية والعقدية.

ثالثًا: بمناسبة ما يدور بعد الحرب من حصار سياسي ودبلوماسي، أكثر حدة وشدة من الحصار الاقتصادي، بهدف إلجاء حماس إلى أضيق زاوية كي توافق على "شروط اللجنة الرباعية الدولية"ـ المُشار إليها آنفًا ـ والتي تقوم على الإلزام بها جهات الظلم الأربع الدولية: الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي.

لماذا لا يعلن أهل العلم ـ من باب المساندة لإخوانهم على الأقل ـ كلمة الدين في مشروع بيع فلسطين، الذي يتحالف فيه فريق المنافقين مع الكافرين لفرض شروط تلك اللجنة المجحفة في مطالبها، والمسرفة في ظلمها؟! ولماذا لا يعلنون رأيهم في موافقة بعض الحكومات على كل هذا الظلم، بل الإصرار على ضرورة الوصول على أساسه لحل لما أصبحوا يسمونه "نزاعًا" بين حماس و"إسرائيل"، بعدما كان "صراعًا" بين الأمة الإسلامية وبين الصهيونية العالمية؟! ولماذا لا تُقال كلمة حق في حق من يجاهرون علنًا بنبذ المقاومة ووصفها بأنها "حقيرة"، وأنها "لا تلزمنا "، جريًا على فكر البهائيين والعلمانيين وغيرهم من الملحدين في تحريم الجهاد، وتجريم الاستشهاد، ووصف أصحابه بأنهم إرهابيين انتحاريين؟!

رابعًا: ضمن مسار ذلك الخيار العلماني "الإستراتيجي"، خيار تولية الأدبار أمام زحف الكفار، أُبرمت معاهدات، ووُقعت اتفاقات، وأُطلقت مبادرات، يعلم الجميع أنه لم يُعرض بند منها على نصوص الشريعة، ولم يدع إلى مناقشتها أو التشاور بشأنها أحد من علماء الشريعة، فلماذا تظل تلك المعاهدات والاتفاقات بمنأى عن تقويم شرعي، وحكم فقهي، بل قضائي، في شرعية بنودها، وحكم إبرامها، والتعاهد ـ باسم الأمة ـ على تنفيذها واحترامها!!

وأي شرعية أصلًا يمكن أن تبقى لهذه الاتفاقات أو المبادرات التي حل العلمانيون فيها وعقدوا دون أن ينظروا إلى حلال أو حرام، ودون أن يشركوا أهل الحل والعقد من العلماء في تقويمها، أو حتى يطلبوا منهم النظر فيها؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير