تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مُرَادَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ أَجَابَ الْعُلَمَاءُ بِوَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) الْمُرَادُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَلَكِنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُسْتَوْجِبٌ لَهُ فَيُظْهِرُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيَكُونُ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ الظَّاهِرِ , وَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ. (وَالثَّانِي): أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ سَبِّهِ وَدُعَائِهِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بَلْ هُوَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي وَصْلِ كَلَامِهِمْ بِلَا نِيَّةٍ كَقَوْلِهِمْ: تَرِبَتْ يَمِينُكَ وَعَقْرَى وَحَلْقَى لَا يَقْصِدُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ فَخَافَ أَنْ يُصَادِفَ إجَابَةً فَسَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَرَغِبَ إلَيْهِ فِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً وَقُرْبَةً وَطَهُورًا وَأَجْرًا , وَإِنَّمَا كَانَ يَقَعُ هَذَا مِنْهُ نَادِرًا وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا لَعَّانًا وَلَا مُنْتَقِمًا لِنَفْسِهِ , وَفِي الْحَدِيثِ {أَنَّهُمْ قَالُوا اُدْعُ عَلَى دَوْسٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ إنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ فَوْرَةِ الْغَضَبِ لِأَمْرٍ يَخُصُّهُ , أَوْ لِرَدْعٍ يَرْدَعُهُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ عَنْ التَّجَرُّؤِ إلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ لَا لَعْنِهِ فِي الْخَمْرِ ; لِأَنَّهُ تَشْرِيعٌ فِي الزَّجْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ رَحْمَةً فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالًا حَسَنًا ; لِأَنَّ لَعْنَتَهُ عِنْدَ مَنْ لَعَنَهُ غَايَةٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ ارْتِكَابِ مَا لَعَنَهُ عَلَيْهِ وَتَوْبَتِهِ فَسَمَّى اللَّعْنَةَ رَحْمَةً حَيْثُ كَانَتْ آيِلَةً إلَى الرَّحْمَةِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فِي قَوْلِهِ {أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَضَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْأَلَهُ فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ فَقَالَ دَعُوا الرَّجُلَ أَرِبَ مَا لَهُ} قِيلَ أَرِبَ بِوَزْنِ عَلِمَ , وَمَعْنَاهَا الدُّعَاءُ عَلَيْهِ أَيْ: أُصِيبَتْ آرَابُهُ وَسَقَطَتْ وَهِيَ كَلِمَةٌ لَا يُرَادُ بِهَا وُقُوعُ الْأَمْرِ كَمَا يُقَالُ: تَرِبَتْ يَدَاكَ وَقَاتَلَكَ اللَّهُ , وَإِنَّمَا تُذْكَرُ فِي مَعْرِضِ التَّعَجُّبِ وَفِي هَذَا التَّعَجُّبِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا تَعَجُّبُهُ مِنْ حِرْصِ السَّائِلِ وَمُزَاحَمَتِهِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا رَآهُ بِهَذِهِ الْحَالِ مِنْ الْحِرْصِ غَلَبَهُ طَبْعُ الْبَشَرِيَّةِ فَدَعَا عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ {اللَّهُمَّ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَمَنْ دَعَوْتُ عَلَيْهِ فَاجْعَلْ دُعَائِي لَهُ رَحْمَةً} وَقِيلَ مَعْنَاهُ احْتَاجَ فَسَأَلَ مِنْ أَرِبَ الرَّجُلُ يَأْرَبُ إذَا احْتَاجَ. ثُمَّ قَالَ " مَا لَهُ "؟ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ بِهِ وَمَا يُرِيدُ؟ (وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ) أَرَبٌ بِوَزْنِ جَمَلٍ أَيْ: حَاجَةٌ لَهُ , وَمَا زَائِدَةٌ لِلتَّقْلِيلِ أَيْ: لَهُ حَاجَةٌ يَسِيرَةٌ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ حَاجَةٌ جَاءَتْ بِهِ , فَحَذَفَ ثُمَّ سَأَلَ فَقَالَ " مَا لَهُ ". (وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ) أَرِبٌ بِوَزْنِ كَتِفٍ , وَالْأَرِبُ الْحَاذِقُ الْكَامِلُ أَيْ: هُوَ أَرِبٌ فَحَذَفَ الْمُبْتَدَأَ ثُمَّ سَأَلَ فَقَالَ " مَا لَهُ " أَيْ: مَا شَأْنُهُ. وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ إعْلَامِهِ فَإِنَّ فِي إعْلَامِهِ زِيَادَةَ إيذَاءٍ لَهُ فَإِنَّ تَضَرُّرَ الْإِنْسَانِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير