تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[13 May 2009, 07:11 م]ـ

الحلقة الثامنة عشر

35

وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي مَسْأَلَةِ صَرْفِ الزَّكَاةِ فِي الْحَجِّ: الْغَارِمُ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ غَيْرُ مُطَالَبٍ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ. فَاعْتَبَرَ الْقُدْرَةَ لَا الْمُطَالَبَةَ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْآجُرِّيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ حَفِيدُهُ: تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَظْلِمَةِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِالتَّوْبَةِ الْحَقَّ الَّذِي لَهُ , وَأَمَّا حُقُوقُ الْمَظْلُومِينَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُوَفِّيهِمْ إيَّاهَا إمَّا مِنْ حَسَنَاتِ الْمَظَالِمِ أَوْ مِنْ عِنْدِهِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ حِكَايَةً عَنْ الْعُلَمَاءِ , فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ فَلَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهُ إلَّا بِرَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ , وَالْخُرُوجِ عَنْهُ عَيْنًا كَانَ , أَوْ غَيْرَهُ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ فَالْعَزْمُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إذَا قَدَرَ فِي أَعْجَلِ وَقْتٍ وَأَسْرَعِهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا وَأَنَّهُ لَا عِقَابَ عَلَيْهِ لِلْعُذْرِ وَالْعَجْزِ , وَقَدْ أَفْتَى بِهَذَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْعَصْرِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَصْحَابِنَا , وَشَرَطَ الْمَالِكِيُّ فِي جَوَابِهِ أَنْ يَكُونَ اسْتَدَانَ لِمَصْلَحَةٍ لَا سَفَهًا. وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَ مَا مَعْنَاهُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُعَاقِبْهُ فِي الدُّنْيَا بَلْ أَمَرَ بِإِنْظَارِهِ إلَى الْمَيْسَرَةِ فَكَذَلِكَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ , وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ الْمُتَقَدِّمُ إنْ كَانَ الْمَالُ مُرَادًا مِنْهُ عَلَى الْعَاجِزِ فَيَكُونُ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ مَعَ أَنَّ مَنْ نَظَرَ فِيهِ لَا يَتَوَجَّهُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَالِ وَلَا يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ لِيَتَّفِقَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَلَامِهِ , وَلْيَتَّفِقْ كَلَامُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ. أَمَّا حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ مَا فَهِمَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَبُعْدٌ ظَاهِرٌ , وَلِهَذَا ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي كِتَابِ الِانْتِصَارِ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ التَّوْبَةِ , وَإِخْرَاجِ الْمَظْلِمَةِ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ بَعْدَ هَذَا: وَمَظَالِمُ الْعِبَادِ تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهَا , وَمَنْ مَاتَ نَادِمًا عَلَيْهَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُجَازِي لِلْمَظْلُومِ عَنْهُ كَمَا وَرَدَ الْخَبَرُ {لَا يَدْخُلُ النَّارَ تَائِبٌ مِنْ ذُنُوبِهِ} وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ , وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا رَدُّ الْمَظْلِمَةِ إلَى مَالِكِهَا إنْ كَانَ بَاقِيًا , أَوْ التَّصَدُّقُ بِهَا إنْ كَانَ مَعْدُومًا وَلَيْسَ لَهُ وَرَثَةٌ.

36

وَتَلْخِيصُ مَا سَبَقَ: أَنَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا بِغَيْرِ سَبَبٍ مُحَرَّمٍ يَقْصِدُ الْأَدَاءَ وَعَجَزَ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ , وَفِي كَوْنِهِ صَرِيحًا , أَوْ ظَاهِرًا نَظَرٌ , وَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْحَابِ وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي وَالْآجُرِّيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ: لَا يُطَالَبُ وَلَيْسَ إنْفَاقُهُ فِي إسْرَافٍ وَتَبْذِيرٍ سَبَبًا فِي الْمُطَالَبَةِ بِهِ خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ مَعَ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِإِنْفَاقِهِ فِي وَجْهٍ غَيْرِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ. وَأَمَّا مَنْ أَخَذَهُ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ وَعَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ وَنَدِمَ وَتَابَ فَهَذَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَ خِلَافَ هَذَا مِنْ الْأَصْحَابِ إلَّا مَا فَهِمَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ مَعَ أَنَّهُ فَهِمَ مَعَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير