تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَيُخَالِفُ ذَلِكَ فِي التَّحْرِيمِ إنْ تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيَّةٍ , زَادَ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَوْ الْكَرَاهَةُ إنْ كَانَ فِي زَوْجَةٍ , كَذَا قَالَا , وَلَا أَظُنُّ مَنْ قَالَ يُفْطِرُ بِذَلِكَ كَأَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ يَسْلَمُ ذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَظُنُّهُ أَوَّلَ كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَحْضَرَ عِنْدَ جِمَاعِ زَوْجَتِهِ صُورَةَ أَجْنَبِيَّةٍ مُحَرَّمَةٍ أَنَّهُ يَأْثَمُ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ نِيَّةً مُحَرَّمَةً تَعَلَّقَتْ بِأَجْنَبِيَّةٍ عَارِيَّةً عَنْ فِعْلٍ مَعَ أَنَّ فِيهِ نَظَرًا. وَأَمَّا فِي الْمُغْنِي فَاحْتَجَّ أَوَّلًا عَلَى عَدَمِ الْفِطْرِ بِقَوْلِهِ {عُفِيَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ} فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ لَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَبَرِ الْعَفْوَ فِي عَدَمِ الْفِطْرِ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُوَافَقَةِ , وَالصَّوَابِ وَقَدْ لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: يُخَالِفُهُ فِي التَّحْرِيمِ إنْ تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيَّةٍ ; لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ قَدْ وَافَقَهُ فِي هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا الْخَبَرِ , وَلَا مَنَعَ التَّأْثِيمَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

46

وَأَمَّا الْفِكْرَةُ الْغَالِبَةُ فَلَا إثْمَ بِهَا وَلَا فِطْرَ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} فَإِنْ قِيلَ هَلْ يُؤَاخَذُ الْإِنْسَانُ إنْ أَرَادَ الظُّلْمَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ؟ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذَا هَمَّ بِذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ خَاصَّةً عُوقِبَ. هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَمَّ بِخَطِيئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْمَلْهَا , وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا هَمَّ بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ عِنْدَ الْبَيْتِ وَهُوَ بِعَدَنَ أَبْيَنَ أَذَاقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الدُّنْيَا مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إنَّ الرَّجُلَ يَهُمُّ بِالْخَطِيئَةِ بِمَكَّةَ وَهُوَ بِأَرْضٍ أُخْرَى فَتُكْتَبُ عَلَيْهِ , وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ تُضَاعَفُ السَّيِّئَاتُ بِمَكَّةَ كَمَا تُضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ تُكْتَبُ السَّيِّئَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؟ فَقَالَ: لَا إلَّا بِمَكَّةَ لِتَعْظِيمِ الْبَلَدِ , وَأَحْمَدُ عَلَى هَذَا يَرَى فَضِيلَةَ الْمُجَاوَرَة بِهَا. (وَالثَّانِي) أَنَّ مَعْنَى {وَمَنْ يُرِدْ} مَنْ يَعْمَلُ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ: هَذَا قَوْلُ سَائِرِ مَنْ حَفِظْنَا عَنْهُ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ.

ويليها إن شاء الله تعالى الحلقة الرابعة والعشرون

ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[13 Jul 2009, 07:53 ص]ـ

الحلقة الرابعة والعشرون

47

وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إذَا نَوَى الْخِيَانَةَ فِي الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ} وَلِأَنَّهُ لَمْ يَخُنْ فِيهَا بِقَوْلٍ , وَلَا فِعْلٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ , وَالْمُرَادُ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ , وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ , وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الضَّمَانُ , وَفِيهِ وَجْهٌ يَضْمَنُ بِذَلِكَ , وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الْمُلْتَقِطِ الْخِيَانَةَ. أَمَّا لَوْ نَوَى حَالَ الِالْتِقَاطِ بِأَنْ الْتَقَطَ قَاصِدًا لِلتَّمْلِيكِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نِيَّةً مُجَرَّدَةً لِاقْتِرَانِهَا بِالْفِعْلِ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير