تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهم القرآن قبل حفظه ضرورة. أول ما كنت أحفظ القرآن كنت لما جئت إلى هذه الآيات اتعب منها وكانت تعقدني أخاف أن أخطىء فيها مع أنها من أظهر الآيات إرتباطا ببعضها وأنا كنت أظن أن (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا) معنى جديد ولذلك أخاف أن أنساها. فالواحد منا يجب أن يفهم قبل أن يحفظ أو يجمع بينهما.

"المصيبة" هنا هي ما أصابكم يوم التقى الجمعان وهو يوم أحد. وسبق أن ذكرنا أن لفظ الجمعان في كل موطن يراد بها أناس معينون. قال {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} ما هو الإذن؟ هذا الإذن القدري لكنه إذن يستلزم العلم أى بعلمه ومشيئته. يقول البعض كيف يأذن الله بأذية المؤمنين؟. فهذا نسميه الإذن القدري لا يلزم الرضى ولا يلزم أن الله يحبه لعباده ولكن هذا الإذن له نتيجة إيجابية وهي تكفير الذنوب. قد يقرأ بعض الطلاب أو العامة في كتاب لا يعرف معتقد مؤلفه فيقول بدل بإذن الله (بعلم الله) ولا يحس فيها مشكلة. لكن إذا تأملت تجد أن بعض المعتزلة ومن نحى نحوهم إذا جاء عند هذه الآية يقول (بعلم الله) لأنه يرى بزعمه أن الله لا يُقَدِّر الشر. يقول كيف يقدِّر الله المصيبة؟ لانه تلازم عنده الرضا مع القدر. أي أن الله لا يقدر إلا ما يرضى عنه. وهناك أمور كونية قدرية قد قدرها الله وإن كل مآلها بالنسبة للمؤمن خير كما قال صلى الله عليه وسلم {عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله خير. وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن. إن أصابته سراء شكر. فكان خيرا له. وإن أصابته ضراء صبر. فكان خيرا له - الراوي: صهيب بن سنان الرومي القرشي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2999خلاصة الدرجة: صحيح} ولا يكون ذلك إلا للمؤمن. نعم هذه ضراء إصابتهم وكان بينهم محمد وإن هذا كان بقدر من الله وأنه سبحانه وتعالى أنزله عليهم وهو يعلم ذلك. والمآل هو {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} ولذلك قيل أن ليعلم المؤمنين واحد من المآلات في سبب تقدير هذه المصيبة.

{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} ما هذا العلم؟ هذا خطاب للناس، الله لا يستجد في علمه شىء جديد لأنه يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون وهذا لا يكون لأحد. معناه أن علم الإنسان يستلزم الجهل , كان جاهلا ثم تعلم. والأمر الثاني أن علم الإنسان ملحوق بالنسيان. أنت تعلم مسألة و ممكن تتفيض في مسألة ثم تنساها أو تنسى تفاصيله ولذلك يذكرون في علم الحديث {من حدّث بشيء ونسي} يرويه عمن حدثه به ويقول حدثني فلان عن نفسي أني حدثته. فهذا علم البشر مسبوق بجهل ومتبوع بنسيان أما علم الله سبحانه وتعالى فغير مسبوق بجهل ولا ملحوق بنسيان ولذلك قال {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} من 255 البقرة وقال {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} من 52 طه.

{وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} ليس معناها ذلك أن إبتلاهم ليعلم ولكي يظهروا حاشاه ولكن ليبينهم ويوضحهم ويكشفهم لكم أنتم وقال المفسرون لكي يتحقق في الواقع وأيضا ليترتب عليه الثواب والعقاب لأن العلم الإلهي المجرد لا يترتب عليه الثواب والعقاب وهذا من كمال عدل الله إلا عندما يظهر ويجازيه عليه. وهذا من آثار علم الظهور، وكثيرا ما يأتي هذا الأمر {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) الأحزاب} وهذا ما وقع في بعض الفرق لما كانوا يحكمون العقل المجرد أو كانوا ينظرون إلى نوع من التماثل بين صفات الله تعالى وصفات العباد. فوقعوا في مثل هذه المشكلة. ظن بعضهم أن علم الله مثل علم الناس فوقع عنده إشكال في هذا ولهذا وصل بعضهم وهو من كبار علماء الكلام قال - في أحد مراحل حياته- قال إن الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات وهو قد رجع عن هذا الكلام وهذا يدلك على الخلل الذي يقع بسبب جعل العقل هو الحَكَم. وسبق أن قلنا أن العقل يفهم النص ويعترض عليه. إذا جاء العقل ليعترض على النص أو يتقدم عليه يحدث إشكال أما إذا جاء ليفهم النص فلا اشكال. فمن يقولون أنتم لا تحكّمون العقل والعقل ليس له مقام عندكم، هذا تَزَيُّد وهذا فهم خطأ. وقد شرحنا أن العلم علمان. علم قبل وعلم بعد. فالعلم الذي قبل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير