[برنامج بينات - تأملات في سورة النساء - الحلقة 4]
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[15 Jul 2010, 12:51 م]ـ
الحلقة الرابعة
تأملات في سورة النساء الآية (3)
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3))
قوله سبحانه وتعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) دخلنا في موضوع آخر متعلق باليتامى في البداية كان الحديث عن المال والآن مرتبط بالزواج، والبعض يستغرب من نظم الآية ففيه غرابة لأنه مرتبط بسبب النزول من جهة وأيضاً مرتبط بحقوق اليتامى من جهة أخرى.
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى) قال بعض المفسرين ومنهم أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري: إن الخوف هنا بمعنى العلم يعني وإن علمتم ألا تقسطوا في اليتامى، فقال (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى) والمراد بالقسط هنا العدل بمعنى وإن خفتم أو تبين لكم أنكم لن تعدلوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم، فالنظم هنا فيه غرابة لا يبيّنه إلا سبب النزول.
سبب النزول:
هذه الآية تُشكل على كثير من الناس بل إنه قد جاءني مرة في المسجد رجلان اختلفا اختلافاً شديداً حول معنى هذه الآية وما سر البداية بها بهذه الصورة فلما كشفت لهما عن سر النزول زال عنهما كل العجب والاندهاش السابق وهذا يبين أنه ينبغي أن لا نستقل بفهم القرآن لمجرد ألفاظه بل نحتاج إلى الروايات وكلام والسلف وما قاله السابقون فيما يحيط بهذه الآية سواء ما يتصل بأسباب النزول أو بالناسخ والمنسوخ أو بقصة الآية وما يتصل بها.
والإمام البخاري روى عن السيدة عائشة رضي الله عنها " أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها، وكان لها عذق، وكان يمسكها عليه، ولم يكن لها في نفسه شيء، فنزلت فيه: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى}. أحسبه قال: كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله. الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4573، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] " يمسك هذه اليتيمة لأجل هذا العذق لا يطمع فيها هي وإنما يطمع بما عندها.
وروى البخاري أيضاً " أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى}. فقالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. قال عروة: قال عائشة: وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية، فأنزل الله: {ويستفتونك في النساء}. قالت عائشة: وقول الله تعالى في آية أخرى: {وترغبون أن تنكحوهن}. رغبة أحدكم عن يتيمته، حين تكون قليلة المال والجمال، قالت: فنهوا - أن ينكحوا - عمن رغبوا في ماله وجماله في يتامى النساء إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال. الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4574، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] "
الرجل قد لا تقوى نفسه على أن يعطي اليتيمة ما يعطيه لغيرها إذا نكحها فيقال له إتق الله صحيح أنت الولي وأنت المسؤول وليس هناك أحد يحاسبك قللت الصداق أو أكثرته وهي لا تستطيع أن تدافع عن نفسها فالله عز وجل يقول لك إتق الله ما دمت لا تستطيع أن تحمل نفسك على العدل في حقها وإعطائها صداقاً تعطيه لغيرها من النساء فحريٌّ بك أن تتركها ويأتيها رجل أنت تحاسبه على أي نقص في صداقها وأنت تنكح ما طاب لك من النساء وخيّره الله ولم يقل له تنكح مرة واحدة أخرى بل مثنى وثلاث ورباع فلماذا تضيّق على نفسك وتأتي إلى المكان الضيّق الذي قد يصيبك منه إثم كبير.
¥