تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[برنامج بينات - تأملات في سورة النساء - الحلقة 2]

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[01 Jul 2010, 12:06 م]ـ

الحلقة الثانية

تأملات في سورة النساء

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1))

المناسبة بين سورتي آل عمران والنساء

تحدثنا في الحلقة الماضية عن مقدمات في التعريف سورة النساء واليوم نتحدث عن السورة ونبدأ بأول آياتها وسنحاول قدر المستطاع أن نقف وقفات متأملة. وقبل ذلك كنا نسينا في الحلقة الماضية أن نتحدث عن المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها.

من المناسبات بين هاتين السورتين أن سورة آل عمران كانت في محاجّة أهل الكتاب وفي سورة النساء أيضاً محاجّة لأهل الكتاب بشكل كبير. أيضاً ذُكرت غزوة أُحد في سورة آل عمران مطولاً وأشير إلى شيء منها في هذه السورة كما قال تعالى (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88) النساء). بصفة عامة يمكن القول أن سورة البقرة غلب الحديث فيها عن بني إسرائيل وسورة آل عمران تحدثت عن النصارى بشكل كبير وجاءت سورة النساء تحدثت عن حقوق المجتمع نفسه وعن حقوق الإنسان وأفضل أن نقول أن سورة النساء في حقوق الإنسان بصفة عامة لأن فيها حقوق المرأة وحقوق اليتامى وحقوق السفهاء وفيها حقوق المجتمع نفسه وهذا يدفعنا للحديث عن موضوع حقوق الإنسان التي رسّخها الإسلام بكل صدق وبكل إنصاف وموضوع الإنصاف وموضوع الإصلاح واضح وظاهر في سورة النساء لأن الآن تنتهك حقوق الإنسان في العالم ويُذاع أن الذين روّجوا لحقوق الإنسان هم الغرب وأن الحصارة الغربية هي التي جاءت بحقوق الإنسان التي أهدرها الإسلام وأهدرتها الديانات السابقة في حين أن الإسلام هو الذي جاء فعلاً بحقوق الإنسان وحفظها وفصّلها تفصيلاً واضحاً في القرآن الكريم والسنة ولكن في سورة النساء بصورة خاصة ظهر جلياً الإنصاف والحقوق على وجهها للناس جميعاً ولعلنا لما نقف عند الآيات نقف عند كل حق من هذه الحقوق بإذن الله تعالى.

من لطائف خاتمة سورة آل عمران كانت بالخطاب الخاص (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ (200)) وبداية سورة النساء كانت بالخطاب العام (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ (1)). لما ابتدأت السورة بالخطاب (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) معنى ذلك أنها ستتحدث عن حقوق مرتبطة بالإنسان من حيث هو إنسان. ونحن نتكلم عنها في واقع المجتمع المسلم إلا أن كل إنسان يطلع على هذه التشريعات يرى أنها تناسبه وأيضاً لا نشك أنه يتمنى أن يُعامل بهذه الطريقة بكل هذه الحقوق. حتى المعاملة بين المسلمين وغيرهم (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ (88)) ستأتي أحكام متعلقة بالتعامل مع المنافقين ومع الكفار كلها مفصّلة.

وأيضاً ختمت سورة آل عمران (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)) وبدأت سورة النساء بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ (1)) معناه أن التقوى مطلوبة، اختتمت آل عمران بالتقوى وافتتحت النساء بالتقوى لكن ارتبطت هذه التقوى بالربوبية لأنه خطاب عام للناس وتلك بالألوهية لتضخيم جانب الهيبة لله تعالى. وأيضاً جانب الأمانات والودائع ذُكِر في سورة النساء كنوع من الحقوق التي يجب أداؤها وهذه الأمانات ذكرت في سورة آل عمران ولكن بشكل خاص (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)) وكذلك في جانب النبيين (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير