تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[برنامج بينات - تأملات في سورة النساء - الحلقة 3]

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[08 Jul 2010, 12:31 م]ـ

الحلقة الثالثة

تأملات في سورة النساء من الآية (1) إلى الآية (2)

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2))

تحدثنا في الحلقات الماضية عن بعض علوم السورة والآية الأولى واليوم نكمل ما بدأناه فيما يتعلق بالآية الأولى في قوله (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)) وكنا وقفنا عند بعض فوائد هذا المقطع.

نبدأ بأول قضية أشرنا إليها وهي قضية العطف في قوله (وَاتَّقُواْ اللّهَ) مع أنه ابتدأ بقوله (اتَّقُواْ رَبَّكُمُ) فعطف بالألوهية على الربوبية في الأمر بالتقوى. وظاهر الأمر أن الأمر الأول (اتَّقُواْ رَبَّكُمُ) أنه مرتبط بعموم الناس والخلق مرتبط بالربوبية وأما الآخر مرتبط بالتشريع وغالباً ما يأتي التشريع مع إسم الجلالة (الله) وفيه من المهابة ما فيه وكأن القضايا التشريعية تحتاج إلى إلزام وتكليف فهي تحتاج إلى شيء من المهابة في الأمر فجاء بقتوى الله سبحانه وتعالى هنا دون الأمر بالربوبية.

وأيضاً من المسائل التي أشرنا إليها في وجه ارتباط آخر الآية (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) لماذا نبّه هنا على صلة الرحم وأشرنا إل أن هذا يناسب ما ذكره في أول الآية (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء) وذكرنا أن معنى (بثّ) بمعنى نشر وأن البث من مستلزماته الانتشار في الأرض وهذا مظنة انقطاع الأرحام وعد التواصل بينهم فنبّه في آخر الآية إلى ضرورة صلة الرحم لأن هذا يحتاج فعلاً إلى أن يقام وأن يجاهد الإنسان نفسه بالتواصل مع أرحامه فقال (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) أن تقطعوها لأن كثيراً من المفسرين لا يربط بين الأمر بصلة الرحم في هذه الآية ومناسبتها في هذه الآية، والمناسبة أنه قال (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء) وهذا مظنة قطيعة الرحم وانتشار الناس.

وهذا يؤخذ منه أن هذه السورة جاءت أيضاً لوضع الوشائج بين الناس واحترام هذه الوشائج وتقديرها فسنجد في هذه السورة احترام الأيتام وما يكون من الصلة بين الأزواج وكيفية التعامل فيها ومسائل كثيرة حتى ذكر في السورة قوله عز وجل (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)) نلاحظ كيف أن الربط عامة جاء في هذا السورة (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ (128)) هذه السورة جاءت لإدراك هذا المعنى والتنبيه عليه والربط بين الناس وإيجاد التراحم بينهم واللُحمة ولأجل ذلك قسمت الأموال وقسمها الله سبحانه وتعالى لأجل أن لا يحدث بينهم خلاف أو شرّ أو إشكال في هذه الأموال التي تأتيهم من مورّثيهم، فهي قضية في غاية الخطورة، ننظر إلى إخواننا ونجد أننا نتساهل في أمر هذه الروابطط فإذا انقطعت لا تسعفنا إمكانياتنا في أن نربط، فنقول لا، البداية من هنا (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) يعني الرحِم هذه لا بد أن نعتني بها وأن نحافظ عليها وأن نعلم أن وصلها والحفاظ عليها قربى لله عز وجل فإذا حصل خلل ونحن قد اعتنينا سهل علينا إعادة الوصل مرة أخرى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير