يكون في التوراة لكنها تكون مما حُكي من الحكمة التي أنزلت على موسى عليه السلام. فإذن نقول ما لم ينزل في هذه الكتب التي نزلت جملة واحدة من أحكام معينة فإنه ينزل في النوع الثاني من الوحي وهو السنة التي يتلقاها نبي من الأنبياءفلا إشكال في هذا الذي أشار إليه بعض العلماء، إذن هناك فرق بين نزّل وأنزل وأن نزّل تدل على التفريق وأنزل تدل على الجملة وكما ذكرنا (أنزل الفرقان) إشارة إلى تكامله فبعد أن تكامل صار كله مُنزلاً.
الوحي الذي كان ينزل على النبي عليه الصلاة والسلام نوعان ومتتابع ينزل عليه قرآن وينزل عليه وحي وهو السُنة وهو معروف وهنا لفتة جميلة جداً وهي أن الذين يزعمون أن القرآن الكريم هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا إجماع المستشرقين وأن مصدر القرآن بشري لكن عندما نقارن بين القرآن الكريم والسنة النبوية يعني خذ القرآن الكريم وصحيح البخاري، إقرأ هذا وإقرأ هذا لا يوجد وجه شبه مع أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم في ذورة الفصاحة والبلاغة إذا قورن بكلام البلغاء والفصحاء فكلامه صلى الله عليه وسلم قطعة من النور ومن البلاغة لكن عندما قارنه بالقرآن الكريم لا يوجد أي شبه وهذه لفتة قليل من تنبه لها ولقد صنع ذلك الدكتور ابراهيم العوضي في كتاب له واثبت الفرق وهو ظاهر أصلاً للناظر لكن عندما تطيل النظر يظهر فروقات علمية. التوراة عندما نزلت على موسى عليه السلام دفعة واحدة وبقيت بقية الأمور التي في إصلاح بني إسرائيل وهدايتهم تأتي خارج الكتاب أما القرآن الكريم وهذا من فضائل هذه الأمة أن الوقائع التي مرت بها الأمة موجودة في القرآن الكريم. أتأمل في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ (11) النور) عائشة تقول ما كنت أتوقع أن ينزل الله فيّ قرآناً وإنما غاية ما كانت تأمله أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا يبين براءتها لكن من فضل الله عليها وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أن نزل الوحي في القرآن الكريم. وكذلك في سورة الحجرات كان من الممكن أن ينبه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عندما يرفعون صوتهم عليه كان بإمكانه أن ينبههم ويوجههم فيقول لا ترفعوا أصواتكم عندي وكان لزاماً عليهم أن يتبعوه لكن من فضل الله عليه وتكريمه أنه نزل الوحي منه يؤدبهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) الحجرات) وكأنه من تكريم الله له وأيضاً لحياء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم لو تخفضوا أصواتكم (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ (53) الأحزاب) وهذه من الأشياء الجميلة التي تبين فضائل هذه الأمة وأشياء كثيرة من الأحداث اليومية كانت تذكر في القرآن وليس في السُنّة. هذه مزية يجب أن تكون عندنا بالنظر الحسن وليس من يتخذها نقداً وطعناً في القرآن.
محاور الحلقة:
الكلام على أسماء سورة آل عمران
تسمية هذه السورة بآل عمران إشارة إلى فضيلة آل عمران
بعض أهل العلم ذكر أن المراد بعمران هنا والد موسى عليه السلام
مناسبة سورة آل عمران لسورة البقرة
من مناسبات سورة آل عمران لسورة البقرة أن الله ذكر فيها الجهاد والغزو في سبيل الله
الكلام في سورة آل عمران كان في ركنين مهمين: تقرير التوحيد وتشريع الجهاد
ما قيل في سبب نزول سورة آل عمران
عبارات المتقدمين في أسباب النزول فيها تسامح
النظر التاريخي مما ينبغي الالتفات إليه في أسباب النزول
في سورة آل عمران إشارة إلى أن الجهاد على نوعين: الجهاد بالحُجّة والجهاد بالسيف
التوحيد مما تواطأت إليه جميع الشرائع السماوية
القرآن فرقان بين الحق والباطل محكمه ومتشابهه
القرآن نزل منجّماً على خلاف باقي الكتب السماوية
من فضائل هذه الأمة أن ما وقع لها من الحوادث جاء الوحي بالكلام عليه