تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المدينة، وتحدّثنا عن موضوعها، وتحدّثنا عن تسميتها بسورة النّساء، وسبب تسميتها بهذا الاسم. ولعلنا في هذا اللقاء الثّاني أن نبدأ في الحديث عن بيان معاني هذه السّورة من أوّلها، ونتوّقف عند بعض الفوائد والاستنباطات من هذه الآيات العظيمة، وقبل أن نبدأ في الحديث عن هذه الآيات، لعلنا نستمع إلى الآيات الثلاث الأُول من هذه السّورة ثم نواصل الحديث بعد ذلك.

قراءة للشيخ: محمد صِدّيق المنشاوي – رحمه الله تعالى – رحمةً واسعة. من الآية: "1 - 3" من سورة النّساء.

(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ?1? وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ?2? وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ?3?)

وبعد استماعنا أيُّها الإخوة لهذه الآيات العظيمة من هذه السُّورة، لعلنا نبدأ في الحديث معكم يا شيخ محمد حول دِلالة هذا النداء في أول سُورة النِّساء (يا أيُّها النّاس اتقوا ربّكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ) ما هي يا تُرى دِلالة هذا النّداء والعموم الواسع الذي فيه؟.

د. الخضيري: طبعاً نحن قررنا في الحلقة الماضية أنّ هذه السورة " سورة الحقوق"، وهذه الحقوق عامة وليست خاصّة وافتُتحت بحق الله عز وجل الذي هو عبادة الله عزّ وجل وتقواه. وهذا النّداء يناسبه العُموم" يا أيّها النّاس" كما في سورة البقرة في أول نداء فيها عندما قال (يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) فهنا الحقيقة لمّا ذكرنا في الجلسة الماضية، وفي الحلقة الأولى من حلقات هذه السّورة "المناسبات بين السُّورتين"، كان ينبغي أن نشير إلى المناسبة بين سورة النّساء وآل عمران من هذه الزاوية، ففي سورة آل عمران "هي سورة التوحيد" فهي في حق الله عزّ وجل الخالص، وفي هذه السّورة ذُكر فيها الحُقوق عامّة، ورُكِّزَ فيها على حقوق من يَحتاج إلى التركيز على حقّه من الضُّعفاء والمساكين والأيتام وغيرهم، وأيضاً من الوَرثة وبيان حُقوقهم مُفصّلة، فكأنّها جارية على قاعدة القرآن عندما يُذكر حق الله يُذكر حق المخلوق. كذلك حتى في أركان الإسلام لمّا ذُكرت الصّلاة يُذكر بعدها إيتاء الزّكاة حقُّ الله وحقُّ العبد، لأنّ الإسلام بُني على أنّ كماله وتمامه أن يؤدّي العبد الحقَّ كاملًا في زاويتين، الزّواية المتصلّة بالرّب سبحانه وتعالى وبها يُبدأ، والزّاوية المتصلّة بالعبد، وبهذا يُعطى كُلَّ ذي حق حقّه. ولذلك نحن نقول وليحذر كل مسلم من أن ينصرف إلى أداء حق الله مثلاً الخاص به جلّ وعلا من توحيده وعبادته والصّلاة له وذكره ويُهمل حقّ من ولاّه الله سبحانه وتعالى أمرهم من زوجة، أمٍّ، أبٍّ، ابن، جارٍ إلى آخره فإنَّ هذا خَلل كبير جدّاً في تدّين المسلم لربّه جلّ وعلا.

د. الشهري: إذاً هذا يعني سبب إضافة هذا النداء العام في أول سورة النّساء، هل لديك إضافة دكتور مساعد في هذه النقطة بالذات؟.

د. الطيّار: فقط التركيز طبعاً على جانب، وهو ذكر الربوبية مع لفظ النّاس في هذه الآية، وكذلك في بداية سورة البقرة: (يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم)، ونلاحظ أنّه لمّا كان الحديث عن النّاس جميعًا جاء الوصف بالربوبية، وإذا كان الحديث عن المؤمنين يجيء وصف الألوهية، قد يجيء بلفظ الربوبية ولكن يكثر ذِكر الألوهية، للدِّلالة على أنّ المؤمينن اختصُّوا بعبادة الله وهي العبادة الحقّة فحُقَّ لهم أن يُنادَوا باسم الألوهية، فإذاً إذا جاء الاسم العام بلفظ النّاس ناسبه الربوبية، وإذا جاء الوصف الخاص بالمؤمنين ناسبه الألوهية، وهذا يكاد يكون مضطّرداً في القرآن، وهو يدخل كما تُلاحظ في ما يُسمّى بـ "براعة الاستهلال" قال (يا أيها النّاس اتقوا ربّكم)،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير