تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبراعة الاستهلال في السور وموضوع بدايات فواتح السّور، من المواطن التي يحسن تدبّرها، ولهذا أيضا لو أنّ القارئ للقرآن وضع لنفسه جلسات تدَّبُرية خاصّة للنّظر بفواتح السّور، وكذلك خواتم السّور فإنّه سيجد ما يُسمّى بردّ العجز على الصّدر من جهة عود الخواتم على البدايات. وكذلك سيجد في البدايات الإشارة إلى الموضوع الذي تتكلّم عنه السّورة، من حيث الإجمال. فإذا قال إنّ عندنا عددًا من السّور تكرّر فيها المطلع مثل (الحمد لله) ورد في خمس سور، فنقول انظر لما بعدها ستجد الإشارة إلى الموضوع. أو أحيانًا تكلّم عن الكتاب مثل (آلر تلك آيات الكتاب الحكيم) في سورة يونس، (آلر. كتاب أحكمت آياته ثمّ فُصّلت من لدن حكيم خبير) في سورة هود، (آلر. تلك آيات الكتاب المبين) في سورة يوسف. كذلك (طسم. تلك آيات الكتاب المبين) في سورة الشّعراء، فلمّا يتأمّل المقدمات، سيجد أنّها مع أنّها تكلّمت عن القرآن إلا أنّ كُلَّ سورة اختصّت بحالٍ من أحوال القرآن أو صفة من صفاته

د. الشهري: يعني تقصد وكيف نربط بين هذا الاستهلال بهذه الصّفة وبين موضوع السورة

د. الطيّار: نعم، لا شك.

د. الشّهري: يعني هذا براعة الاستهلال المقصود به كيف يستهِّل المتكلم كلامه بإشارة خَفيّة يفهمها الذّكي على موضوعه الذي سوف يتحدّث عنه.

د. الخضيري: وهذا من البلاغة.

د. الشّهري: لا شك أنّ هذا من أوجه البلاغة التي يعتبرها العرب.

د. الطيّار: لو تكرّمتم أبو عبد الله

د. الشّهري: تفضّل.

د. الطيّار: هنا قاعدة مهمّة جدّا فيما يتعلق بهذه الموضوعات، بعض النّاس يقول كيف تُنزِّلون كلام الله سبحانه وتعالى على كلام البشر، نقول هنا يجب أن ننتبه أن الله سبحانه تعالى قال: "إنّا أنزلنه قرآناً عربيّاً".فإذاً هو على سنن العرب

فننظر للعرب بما كانت تعتني، فنجد أنّ لغة القرآن قد بلغت الذروة في هذا فمنها براعة الاستهلال، يعني براعة الاستهلال في الشِّعر هي التي تجلبك لسماع بقية القصيدة، فإذا كانت بداية القصيدة بداية باهتة أو بداية صريحة قد أيضاً لا تشّدك، لكن حينما تكون البداية بداية استهلالية رائعة جداً مثل: قفا نبكِ، فهذه تشُّد القارئ إلى أن يستمع إلى هذه القصيدة و أن ينظر إلى ما فيها.

د. الشهّري: كنت أظن الحقيقة يا إخواني، أنَّ الذي يعتني بمثل هذه التفاصيل، يعني الآن عندما تقول أنت الآن والله سورة النّساء سورة جاءت لكي تُرسي مبادئ وحقوق الإنسان وحقوق الضعفاء، وتُعطي كلَّ ذي حق حقّه، فجاءت من أجل ذلك مُقدّمتها على هذا النَّمط "يا أيَّها النّاس اتقوا ربّكم الذِّي خلقكم من نفس واحدة" يعني الآن عندما يأمرك بأداء الحقوق، يذِّكرك في البداية أنّكم كلكم من نفس واحدة يعني أنت الآن، وهذه اليتيمة، وهذا المظلوم وهذا الظّالم، كلكم أصلكم واحد يعني تذكير حقيقة، حتى الكافر " الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها .... وإلى آخره"، كنت أظن أنّ الذي يعتني بمثل هذه التفاصيل البلاغية في البداية هم العرب فقط، ثمّ وجدت حتى في الآداب الأجنبية: في الفرنسية، في الألمانية يعتنون بهذا عناية شديدة، بل حتى في الدساتير يا إخواني الآن، عندما يأتي الإعلام العالمي لحقوق الإنسان فيبدأ بمقدِّمة، فيأتي شُرَّاح القوانين ويقولون: وانظر قد بُدئ هذا القانون بهذا النص قصداً لكي يكون دالاً على المضمون بشكل كذا وكذا وكذا. فأقول سبحان الله العظيم القرآن الكريم قد جاء على أوفى وأكمل ما يكون من هذه القوانين، فجاء في مُستهل هذه السُّورة التي جاءت لإرساء حقوق الإنسان وحقوق الضُّعفاء بهذه البداية التي تكلمتم عنها وهي فعلاً مقدّمة بليغة وفيها براعة الاستهلال واضحة جدّاً جدّاً.

د. الخضيري: أيضاً نضيف إلى هذا إلى أن نذّكر إخواننا المشاهدين، بأنّ الانتباه كما ذكر الدكتور مساعد قبل قليل أن الانتباه إلى مطلع السّورة،

د. الشهري: قد يكون مطلع السورة حرف

د. الخضيري: أنّه مهم جدًا في معرفة موضوعها، ومضمونها، ومقصودها. فلينتبه كلُّ واحد منّا إلى هذا المطلع في معرفة ذلك المقصود.

د. الشّهري: فكرة جميلة جدّاً، لو أحد يركزّ عليها الواحد في رمضان مثلًا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير