د. الشِّهري: تلاحظون يا إخواني في أوّل آية، الحقيقة أول آية من سورة النّساء مليئة بالمعاني، لاحظوا في ختام هذه الآية، يعني الآية مليئة بالحقوق والحديث عن الحقوق، والواجبات وكثير منها حقوق تتعلق بتعاملك مع الآخرين، فقال: " إنّ الله كان عليكم رقيبا" يعني أشار الله سبحانه وتعالى إلى مراقبة الله سبحانه وتعالى لك في جميع أعمالك.
د. الخضيري: كأنّه يؤكد معنى التقوى التي مرّت مرتين في الآية. عجيب سبحان الله
د. الطيّار: وهذا يدخل في رد عجز الآية على صدرها.
د. الشّهري: يعني أنت تنظر لها من جهة عندما تأمر بالتقوى، فهو استحضار لمراقبة الله سبحانه وتعالى، لكنّ الله يؤكد هذا، ولا يتركها لك حتى تستنبطه، وإنّما يؤكده لك ويقول: إنّ الله كان عليكم رقيباً. فكان ماذا؟ فسيحاسبكم، فانتبه، لازم الخبر، فما دام أنّ الله رقيب فانتبه لنفسك، فما دام الله رقيب فمعناه أنّ الله سيحاسبك، فكل ما سوف يأتي فإنّ الله قد أمرك به، وفي عدم وفائك به فأنت مُعرَّض للحساب. ولذلك العجيب، الحقيقة أنّها فعلاً لفتة عظيمة، ولفتة الدكتور مساعد في قضية العناية بالآية الأولى في السّورة وعلاقتها ببقية السّورة، لفتة ممتازة جدا وهي بارزة واضحة.
د. الطيّار: في قضية لما قال: " وخلق منها زوجها".
د. الخضيري: طبعاً النبي صلى الله عليه وسلّم أثبت هذا وهو ما يُصَّدق هذه الآية ووممّا تُفسَّر السّنة به القرآن: إنّ المرأة خُلقت من ضلع- أي من ضلع آدم- وإنّ أعوج ما في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها، وإن استمتعت بها استمتعت بها على عِوج.
د. الشهري: المقصود بالضلع.
د. الخضيري: طبعاً أضلاع الصدَّر. أيضا يدل على الانحناء والدَّلالة على الميلان، أيضاً الانضمام إلى الأصل وهو ميلانها إلى الرّجل، دائما هي تحوم حوله، وتكون رغبتها فيه، لذلك يقال النّساء ما خلون إلا تحدّثن في الرِّجال، أمّا الرِّجال فقد يتحدّثون في الأرض، والزّرع، والضّرع وغيرها ولا يتحدّثون في هذا الأمر، إلا إذا كانوا من ذوي الشّهوات، أو قد امتلأت بطونهم وسرت في أنفسهم شهوتهم بنسائهم.
د. الطيّار: طبعاً في قضية علمية الحقيقة في هذا الموضوع، وهو أنّه طبعاً يُذكر في الآثار أنّ آدم عليه الصّلاة والسّلام نام نومة فقام فإذا بجواره حوّاء، فقال من أنتِ؟، قالت: أنا حوّاء، فَسَألها: من أين خُلقتِ؟، قالت: خُلقتُ من ضلعك، أو شيء من هذا. فالمقصود هذه القصة أنا رأيت بعض من يُشدّد النّكير عليها، وينقل عن الألباني رحمه الله تعالى أيضاً تضعيف هذه والتشديد على ضعفها.
والحقيقة أنّ هذه المسألة مسألة علمية يجب أن ننظر إليها بنظر متوزان، وأن ننظر كيف كان أسلافنا من الصَّحابة والتَّابعين وأتباعهم وكذلك من جاء بعدهم، كيف نظروا إل هذه القضية، وأنا يعجبني حقيقة الإمام الطبري يعني وضع ضوابط مهمّة جدّاً جدّاً للتعامل مع مثل هذه الأخبار عند قوله سبحانه وتعالى: "فأزّلهما الشيطان عنها ".تكلّم عن ما ذكره المفسرون من دخول إبليس الجنّة من خلال الحيّة. ووضع ضوابط مهمّة جدّاً جدّاً.
من هذه الضوابط أنّه قال: ما كان من كتاب الله موافقاً، وهنا الآن لمّا ننظر لهذه القصّة المذكورة. وكتاب الله في نوع من التوافق لأنّه قال: "خلق منها زوجها". أيضاً ذكر قضية: أنّها من الأمور الممكنة وهذا لا شك أنّه قطعاً من الأمور الممكنة، وذكَر قضية أنّ هذا الخبر المذكور لايردّه عقل ولا خبر بخلافه، فهو في حيّز الإمكان ما زال، وذكر أيضاً: أن يكون موافقاً للعربية، لأنَّ القرآن نزل على لسان العرب، وذكر أيضاً ضابطاً مهمّاً وهو تتابع أهل التأويل عليه، فإذا تتابع أهل التأويل عليهم ومرّ على عقل ابن عبّاس، وعقل مجاهد، وعقل عطاء، وعقل ابن مسعود وغيرهم، وكُلُّهم أمّروه وما لحظوا فيه شيئاً، فالمفترض علينا أن يكون عندنا على الأقل احترام لهذه العقول، التي مرّ عليها هذا الخبر ولم تستنكره مثلما استنكرتَه أنت، وأنا أقول مهم جدّاً من نظر في هذه الضوابط يجعل مثل هذا الخبر ليس مُشكلاً، ما دام أهل التأويل من الصَّحابة والتّابعين وأتباعهم ومن جاء بعدهم قد ذكروا هذا وليس فيه أيّ منقصة أو أيِّ نكارة في هذا الخبر.
د. الشّهري: وهي تعتبر يعني من الروايات الإسرائيلية.
د. الطيّار: نعم، نعم.
¥