تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) حقيقة أنّ الإيمان أيضًا نحن عندنا نحتاج إلى أن نحصّل هذه النعيم إلى إيمان صادق وإلى عمل صالح, وأنّ دعوى الإنسان أنه ممكن يدخل الجنة بغير عمل هذه دعوى باطلة! بل يجب للإنسان أن يتأهب للجنة بهذا العمل وليس أي عمل

د. الطيار: لو تأملنا الآن هل في قوله لما قال (وكفى بجهنم سعيرًا) الآية التي قبل هذه وقبلها (وندخلهم ظلاً ظليلا) ولمّا فصّل في السعير قال ذكر الذين كفروا بآياتنا إلى آخره هل هناك علاقة بين السعير والظل الظليل؟!

د. الخضيري: الظاهر، لأن السعير هو الذي يزداد إيقاده مسعّر، أما الظل الظليل هو الذي يزداد يعني في الظل يزداد برودة وجمالًا

د. الطيار: جميل، يعني الظل الظليل مظنة البرودة والسعير مظنة الحرارة, فكان هذا مقابلة لأننا دائمًا نلاحظ أن هناك مقابلة أحياناً قد تكون إجمالية وقد تكون تفصيلية أحيانًا تكون إجمالية وأحيانا تكون تفصيلية, فهذا من المقابلات التي فيها نوع من الإجمال وفيها نوع من التفصيل. أيضًا لما قال سبحانه وتعالى في الجنات قال (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) ثم قال بعد ذلك (لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ) هذا المعنى كونهم خالدين فيها ولهم فيها أزواج مطهرة ورد في القرآن في غير ما موطن, وهذا يدخل في باب المثاني, أن القرآن يثني الأمر بعد الأمر والنهي بعد النهي والخبر بعد الخبر وحتى نفس الخبر بذاته يُثنى مرة بعد مرة, وهذا لا يدخل في باب التكرار المذموم الذي قد يدّعي بعضهم, ولكن هذا يدخل من باب إعادة هذا للتذكير به وكل واحد له مناسبته, نحن الآن لو أردنا أن نوازن بين (لهم فيها أزواج مطهرة) والآية التي في سورة البقرة (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) لاحظ الآن نفس ما ذُكر هناك أو قريب منه قال ذُكر هنا

د. الشهري: في إشارة يا دكتور في الآيتين (إن الذين كفروا بآياتنا) (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) فقال (إن الذين كفروا بآياتنا) الذين كفروا كفروا على علم وعلى بينة وكفروا بالآيات الواضحة التي أرسلها الله سبحانه وتعالى, فاحتاجوا أو فاستحقوا هذا العذاب الأليم, أليس كذلك؟! (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا). الوجه الآخر المقابل (والذين آمنوا) ما قال والذين آمنوا بآياتنا ليدل على شدة تسليمهم وانقيادهم, أليس كذلك؟! وأنهم آمنوا وصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم وصدقوا الأنبياء وانقادوا لأوامر الله سبحانه وتعالى حتى كأنهم قبل أن يحتاجوا إلى آيات, كما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصدق النبي صلى الله عليه وسلم لمجرد أنه قاله, ولذلك كان كمال أبو بكر الصديق هو الكمال المعروف. ثم أيضًا في نفس الآيتين (وعملوا الصالحات) كما ذكرتم دكتور محمد قضية اقتران الإيمان بالعمل الصالح وهذا كثير في القرآن ونحن والله نغفل عنه كثيرًا, نحن قد نغلِّب جانب الإيمانيات ونغفل عن جانب العمل الصالح, وتربية النفس على العمل الصالح ليس مجرد العمل والإكثار منه, وإنما الحرص على أن يكون عملًا صالحًا, لذلك انظر عندما عاتب الله نبيه نوح عليه الصلاة والسلام قال (إنه عمل غير صالح)

د. الطيار: وهذا كان يُشير إلى أنه أظهر الإيمان ولكن العمل كان مخالفًا

د. الشهري: هناك كتاب ثمين جدًا, أنصح بقراءته عنوانه "الشخصية المسلمة والعمل الصالح" للأستاذ الدكتور ماجد عرسان الكيلاني, تكلم فيه كلاماً رائعاً ما وجدته لغيره عن مقاييس العمل الصالح في القرآن الكريم متى يكون العمل صالحًا ومتى يكون غير صالح؟! ومتى يكون الشخص يعني كيف يتربى المسلم ويتربى على أن يعرف ما هو العمل الصالح؟! ثم ما هي أولويات العمل؟! يعني أنت كمسلم أنت عندك أولويات في العمل تعرف ما هو العمل الذي تقوم به فإذا تزاحمت الأعمال أيها يقدِّم؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير