ـ[أنوار]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 11:34 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ..
كنت قد وعدتكم بالأمس القريب .. أن يكون لي وقفة مع دلالات بعض الحروف ...
أبدؤها بحرف السين؛ نظراً لما استشهدت به سابقاً ..
- السين من الحروف الأسلية .. وهو من الحروف الحادة جداً، وغالباً ما تتصف الكلمات التي يداخلها بالحدة، و نلاحظ انعكاس صفة الحرف على الكلمة نفسها ..
...... (سخط، سيف، سهام، سرابيل) ..
يقول البحتري:
- صُنْتُ نَفسي عَمَّا يُدَنِسُ نَفْسي ........... وتَرَفَّعْتُ عن جَدا كل جِبْسِ.
-وتماسَكتُ حينَ زَعزَعني الدَّهـ ......... ـرُ التماساً منه لتَعْسِي ونَكْسي.
فتكرار السين .. لا أعتقد أنه وجد من عفو الخاطر، ولا يمكن أن تكون هذه الألفاظ رصفت دون غرض .. فلا بد أن يكون الشاعر أراد لقصيدته هذه الحدَّة التي توافرت في الحرف .. فغالباً ما تؤثر هذه الحدَّة في السامع و تجعله يتنبه لتلك الكلمة ..
- حرف الهاء:
يخرج من أقصى الحلق ..
و يأتي بعد إخراج هواء مع إغلاق بسيط لأقصى الحلق .. غالباً نجده في الكلمات التي تنشر الهدوء .. وتكون خارجه من الأعماق:
.... (هدنة – هدوء – هواء – هلا – همْ .... ).
وهي أيضاً للتنبيه لما نجده في صوتها من خاصية الاهتزاز .. فتثير انتباه السامع.
- الهمزة:
مزمارية المخرج ذات صوت انفجاري، يوحي بالحضور والوضوح .. ولذلك نجدها في مقدمة ضمائر المتكلم .. والمخاطب .. أنا .. أنت، وفي مقدمة أربعة من أحرف النداء السبعة، كما كانت في مقدمة ستة أسماء من الألوان الطبيعية السبعة هي (أبيض – أسود .... ) وذلك لخاصية الوضوح في صوت الهمزة.
ولما كان مخرجها يترافق مع ابتعاد الفكين عن بعضهما البعض في حركة إلى الأعلى .. منحها فاعلية خاصة .. مما جعلها صالحة للتعالي على الآخرين .. مثل: زيد أكرم من عمرو.
ابن هشام تارةً يطلق عليها الهمزة، وتارةً الألف المفردة. ومنهم من عدَّ أحرف الهجاء تسعة وعشرون حرفاً على اعتبار أنها حرف منفصل عن الألف.
إضافة لاستخدامها لنداء القريب ... أفاطم قبل بينك ..........
- الغين:
.. حرف يدل على الغموض والغوغائية فحين ينطق به تشعر أن مخرجه غير واضح .. فكثيراً ما يحصل اللبس بين مخرج القاف والغين ..
........... (غوغاء – غموض – غيم – غرق ... ).
إليكم بعض النماذج:
أولاً: من القرآن الكريم:
- الحروف المقطعة في أوائل السور، لو لم يكن لكل حرف معنى لما كانت، ولمَ ارتبط كل منها مع الآخر دون غيره (ألم – عسق – كهيعص).
- في متشابه القرآن – كثيراً ما يتكرر: (خالدين فيها أبداً .. خالدين فيها) فإن حوى اسم السُّور على أحد أحرف (أبداً) وردت بها وإلا فلا.
- في سورة ق .. تكررت أحرف القلقلة كثيراً .. ويقال في معاني القاف أن له مدلول الوصول إلى أقصى نقطة .. فهل كان هذا مرتبطاً بمعاني السورة ..
أيضاً حرف القاف نجده يتكرر بكثرة في هذه السورة ..
- في خواتيم سورة مريم نجد حرف الدال يتكرر .. مما أضفى على الآيات بعداً معنوياً، وكان له أثراً في النفس.
ثانياً: من الشعر:
يقول ذو الإصبع العدواني:
لي ابن عم على ما كان من خلق ................ مختلفان فأقليه ويقليني
أزرى بنا أننا شالت نعامتنا ................... فخالني دونه وخلته دوني
يا عمر وإن لا تدع شتمي ومنقصتي .................. أضربك حيث تقول الهامة اسقوني
لاه لابن عمك لا أفضلت في حسب .................. عني، ولا أنت دياني فتخزوني
لولا تقوت عيالي يوم مسغبة ................ ولا بنفسك في العزاء تكفيني
إني لعمرك ما بابي بذي غلق ................. عن الصديق ولا خيري بممنونِ
وللقصيدة بقية ..
- نلاحظ أن ضمير المتكلم قد تكرر في القصيدة بأكملها .. أهذا من باب الصدفة .. أم أنه يريد أن ينظم كما نظم غيره ..
- هذه الأمور ترتبط كثيراً .. بـ من هو القائل، ما مكانته في قومه، ما مناسبة القصيدة، هل كان يتصف بالغرور عندما أكثر من ضمير المتكلم. أم هناك غرض أراد الوصول إليه.
يقول الخطابي .. في رسالته .. بيان إعجاز القرآن .. " بتصرف "
التكرار على نوعين:
أحدهما – ما كان مستغنى عنه غير مستفاد به زيادة معنى، لأنه حينئذٍ يكون فضلاً من الغول ولغوا. وليس في القرآن شيء من هذا النوع.
والضرب الآخر ما كان بخلاف هذه الصفة ..
وتكون الحاجة إليه ضرورية، ويحسن استعماله في الأمور المهمة التي قد تعظم العناية بها، ويخاف بتركه وقوع الغلط والنسيان فيها .. والاستهانة بقدرها ... انتهى كلامه.
************
أشكر ما تفضلتم به دكتور محمد الرحيلي .. جزيتم خيراً ..
لدي بحث يتعلق بمعاني الحروف الهجائية ودلالتها .. إن تساعدوني بمراجع تفيدني أكون شاكرة لكم.
أشكر ماتفضلتم به أستاذ ضاد ..
هل لديكم معرفة عن السبب في أولى الحروف التي ينطق بها الطفل (م - ب - د) .. أثابكم الله ..
¥