تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"فَالْكَلَامُ" إذَا أُطْلِقَ يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا وَإِذَا سُمِّيَ الْمَعْنَى وَحْدَهُ كَلَامًا أَوْ اللَّفْظُ وَحْدَهُ كَلَامًا فَإِنَّمَا ذَاكَ مَعَ قَيْدٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .............. فالْكَلَامَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا وَالْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ مَمْلُوءٌ مِنْ آيَاتِ الْكَلَامِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَكَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ إثْبَاتُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى لِلَّهِ". اهـ

ومن فروع هذا البحث:

مسألة: الترجيح بين الدلالات عند التعارض:

فدلالة المطابقة تقدم على دلالة التضمن ودلالة التضمن تقدم على دلالة الالتزام.

ومن صور ذلك:

الترجيح بين دلالة المصدر على المعنى، ودلالة الفعل أو الوصف عليه:

فالمصدر يدل على المعنى: دلالة مطابقة، بينما الفعل يدل عليه دلالة تضمن، إذ الفعل يتضمن: المعنى والزمن، وكذلك الوصف كاسم الفاعل فإنه يدل على المعنى: دلالة تضمن، إذ اسم الفاعل يتضمن الدلالة على: المعنى والذات الفاعلة التي وقع منها الفعل.

فـ: "الرحمة"، و "رحم" و "راحم": تدل على معنى الرحمة، ولكن المصدر: "الرحمة": يدل عليها دلالة مطابقة، بينما الفعل: "رحم": يدل عليها دلالة تضمن إذ الفعل الماضي يدل على وقوع المعنى في الزمن الماضي فهو يدل عليه مقيدا بزمن حدوثه، لا مطلقا كالمصدر، والدلالة المطلقة أقوى من الدلالة المقيدة، وكذلك اسم الفاعل: "راحم": يدل عليه أيضا: دلالة تضمن، إذ اسم الفاعل يدل على ذات قام بها الفعل، فهو يدل عليه مقيدا بفاعله، لا مطلقا كالمصدر، والدلالة المطلقة أقوى من الدلالة المقيدة كما تقدم.

ومن صور ذلك أيضا:

تخصيص الاسم بعلامة الإسناد، فالإسناد لا يكون إلا لاسم، وعلة ذلك:

أن الإسناد خبر، والخبر لا يكون إلا عن ذات، ففي قولك: جاء محمد، أسند فعل المجيء إلى الذات التي دل عليها اسم "محمد ودلالة الاسم على الذات: دلالة مطابقة بخلاف دلالة الفعل على الذات فهي دلالة التزام إذ لا بد للفعل من فاعل، وإن كان الفاعل خارجا عن ماهية الفعل المتضمنة: حدثا وزمنا، كما تقدم، فلما كانت دلالة الاسم على الذات التي يسند إليها: دلالة مطابقة، بخلاف دلالة الفعل عليها فهي دلالة التزام، صار الإسناد أليق بالاسم منه بالفعل، إذ دلالة المطابقة أقوى من دلالة الالتزام.

بتصرف من حاشية: "منتهى الأرب على شرح شذور الذهب"، للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، رحمه الله، ص42.

ومن ذلك أيضا:

دلالة الاسم الجامد على كالعلم على صفة اشتهر صاحبه بها كدلالة: "حاتم" وهو علم جامد على وصف الكرم فإن دلالته عليه دلالة التزام، بخلاف دلالة اسم الوصف المشتق: "كريم" على وصف الكرم فإن دلالته عليه دلالة تضمن إذ يدل على ذات الموصوف والصفة معا: دلالة مطابقة، وعلى أحدهما دلالة تضمن، بخلاف الاسم الجامد فإن دلالة المطابقة فيه تكون على الذات فقط، وعليه يقال:

دلالة "كريم" على وصف الكرم أقوى من دلالة "حاتم" عليه، لأن دلالة التضمن أقوى من دلالة الالتزام، كما أن "كريم" يتحمل الضمير تحملا أظهر من تحمل الاسم الجامد المؤول بالمشتق له، فضعف الجامد في باب الوصفية لدلالته عليها التزاما ترتب عليه ضعفه في تحمل الضمير فلا يتحمله عند البصريين إلا إذا أول بمشتق كتأويل: "حاتم" بـ: "كريم" بخلاف "كريم" فإنه نص في الوصف لا يحتاج تأويلا، فتحمله للضمير أظهر وإن كان أضعف من الفعل، فكان ما يحتاج التأويل أضعف مما لا يحتاج التأويل، فهو نص في بابه، وقد تقرر في مبحث الترجيح بين الدلالات اللفظية في الأصول: أن النص مقدم على المؤول، فيكون الترتيب من جهة تحمل الضمير تنازليا من:

الفعل فالاسم المشتق فالجامد المؤول بالمشتق.

قال في "جواهر البلاغة":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير