تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وليس العلم الشخصي واسم الإشارة والضمير والموصول من الكليات، فلا تصح أن تجري فيها الاستعارة الأصلية، (لأنها لا تدل على معان كلية اشتقت منها تصلح للاستعارة كمعاني الكرم والشجاعة .............. ). أما المشتق فالصفة جزء من مدلوله وضعا، لأنه موضوع لذات متصفة بصفة فـ: "كريم": موضوع لذات متصفة بالكرم، و "قتيل": موضوع لذات متصفة بوقوع القتل عليها.

وقد اعتبرت الأعلام التي تتضمن معنى الوصف: اسم جنس تأويلا ولم تعتبر من قبيل المشتق، لأن الوصف ليس جزءا من معناها وضعا، بل هو لازم له، غير داخل في مفهومه، فـ: "حاتم" لم يوضع للدلالة على الجود ولا على ذات متصفة به، ولكن الجود عرض له ولزمه فيما بعد". اهـ

بتصرف من: "جواهر البلاغة"، ص258.

ومن ذلك دلالة "الشك" و: "الريب" على الاضطراب:

فإن الريب يدل على الحركة والاضطراب: دلالة تضمن، بخلاف الشك، فإنه يدل عليه: دلالة التزام، فالريب أعم من الشك، فبينهما: تداخل أو عموم وخصوص مطلق، فكل ريب شك ولا عكس. فتكون دلالة الريب على الحركة والاضطراب أقوى من دلالة الشك عليهما، إذ دلالة التضمن أقوى من دلالة الالتزام كما تقدم.

يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "مقدمة أصول التفسير":

"ومن قال: {لاريب}: لا شك، فهذا تقريب، وإلا فالريب فيه اضطراب وحركة، كما قال: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وفي الحديث أنه مر بظبي حاقف، أي: نائم قد انحنى في نومه فقال: "لا يريبه أحد"، فكما أن اليقين ضمن السكون والطمأنينة فالريب ضده ضمن الاضطراب والحركة. ولفظ الشك وإن قيل: إنه يستلزم هذا المعنى، لكن لفظه لا يدل عليه". اهـ

ومن ذلك أيضا:

اختلاف أهل السنة ومرجئة الفقهاء والمرجئة الخلص في دلالة الإيمان على العمل:

فأهل السنة يقولون: دلالة الإيمان على العمل: دلالة تضمن، لأن العمل جزء من الإيمان، فهو شرط لكماله الواجب للنجاة من الوعيد، فلا يتم إيمان المرء الواجب بلا عمل، وإن لم ينتف أصله، فترك العمل إما أن يكون صاحبه:

مذموما، كمن ترك جنس النوافل بالكلية.

أو: مؤمنا ناقص الإيمان، كمن ترك بعض الفرائض، كالحج والصيام والزكاة، فهو من أهل الوعيد، بل تركه أحد الأركان العملية مظنة الزندقة، ولأحمد، رحمه الله، رواية في تكفير تارك الزكاة، وله رواية أخرى في تكفير تارك أحد الأركان، والرواية المشهورة عنه: تكفير تارك الصلاة تحديدا دون بقية الأركان.

أو: كافرا، كمن ترك ما لا يتصور تركه من عمل القلب، فلا يتصور إيمان بلا خوف أو رجاء، فمن زال الخوف من الله، عز وجل، من قلبه بالكلية، زال إيمانه بالكلية، وكمن ترك بعض أعمال الجوارح التي وقع الخلاف في كفر تاركها، كالصلاة، التي ذهب الحنابلة، رحمهم الله، إلى كفر تاركها بالكلية، وإن لم يجحدها، بينما ذهب الجمهور إلى فسقه ما لم يجحدها، وأجمع الكل على كفره إذا جحدها ما لم يكن حديث عهد بإسلام، فيعذر بجهله، ومحل النزاع: تارك الصلاة بالكلية، فلا يدخل: من صلى بعضا وترك بعضا، فلا يكفر عند الجميع، وإن كان من أهل الوعيد الشديد.

والنصوص قد دلت على كون العمل جزءا من الإيمان كما في:

قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ)، أي: صلاتكم قبل تحويل القبلة، وقد بوب البخاري رحمه الله:

بَاب: الصَّلَاةُ مِنْ الْإِيمَانِ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}: يَعْنِي صَلَاتَكُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ.

وروى فيه من طريق: زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير