تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وحديث وفد عبد القيس، وفيه: (أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ)، ففسر الإيمان بالشهادتين وأعمال الجوارح.

وحديث شعب الإيمان، وفيه: (الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ)، وإماطة الأذى من: أعمال الجوارح، والحياء: من خصال الخير.

بينما ذهب مرجئة الفقهاء إلى أن دلالة الإيمان على العمل: دلالة التزام، فالعمل خارج عن حد الإيمان، وإن كان الإيمان يقتضيه، فهم وافقوا أهل السنة من جهة: ذم تارك العمل وكونه من أهل الوعيد، وخالفوهم من جهة: إخراج العمل عن حد الإيمان، فلا يدل الإيمان بمبناه عندهم على العمل، وإن دل بمعناه.

بينما ذهب المرجئة الخلص إلى أن الإيمان لا يدل على العمل، ولو التزاما، فهو خارج عن ماهيته، مبنى ومعنى، فالعمل ثمرة الإيمان، والثمرة غير الأصل، وإن تولدت عنه، فيتصور عندهم اكتمال الإيمان بلا عمل!!.

ومن فروع هذا البحث أيضا:

مسألة لازم القول: هل هو لازم أو ليس بلازم:

فهذه المسألة من المسائل التي يختلف الحكم فيها تبعا لاختلاف القائل:

فإن كان القائل هو الله، عز وجل، أو رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلازم القول لازم، لأن قولهما حق لا مرية فيه، ولازم الحق حق.

يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: "ينبغي أن يعلم أن اللازم من قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم إذا صح أن يكون لازما فهو حق، يثبت ويحكم به، لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازما من كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فيكون مرادا".

"القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى"، ص11، 12.

وأما قول الإنسان، فهو: إما أن يكون موافقا للكتاب والسنة فيكون حقا، ولازمه حقا، وإما أن يكون مخالفا للكتاب والسنة فيكون باطلا ولازمه باطلا.

"القواعد النورانية"، لشيخ الإسلام، رحمه الله، ص128.

ولقائل القول مع لازمه ثلاث حالات:

أولا: أن يذكر له لازم قوله فيلتزمه، كأن يقال لمن يثبت وزن الأعمال في الآخرة: يلزمك أن تثبت وزن الأعراض، أي الصفات والأحوال التي لا تقوم بنفسها، وإنما تقوم بذات تتعلق بها، فالأعمال لا تقوم إلا بذات العامل، والصفات لا تقوم إلا بذات الموصوف، فلا يمكن، على سبيل المثال، أن تقوم صفة الحمرة بنفسها، فيوجد جرم مستقل يقال له: "الحمرة"، وإنما الحمرة صفة تقوم بذات موصوف بها فيقال هذه فاكهة حمراء وهذا ثوب أحمر .................. إلخ.

فمن التزم هذا اللازم يقول: نعم ألتزم به، لأن أحوال الآخرة تختلف عن أحوال الدنيا، والله تعالى على كل شيء قدير، ثم إنه قد وجد في زماننا هذا موازين للحرارة والبرودة والإضاءة ونحو ذلك من الأعراض دون أن نحتاج لفصلها عن ذواتها وتجسيمها لتصير أجراما تقبل القياس المحسوس، فهذا اللازم يجوز إضافته إليه إذا علم منه أنه لا يمنعه.

ثانيا: أن يذكر له لازم قوله، فيمنع التلازم بينه وبين قوله، مثل:

أن يقول المعتزلة، نفاة الصفات، لأهل السنة: يلزم من قولكم بتعدد صفات الله، عز وجل، تعدد القدماء، أي الآلهة، فيرد أهل السنة بامتناع هذا اللازم، ويقولون بأن: صفات الله، عز وجل، قائمة بذاته، عز وجل، لا استقلال لها بنفسها، ولا إشكال في ذلك، لأن صفات البشر، ولله المثل الأعلى، لا تستقل بنفسها فلا يوجد سمع مستقل أو بصر مستقل أو ........................... إلخ، فصفات الله، عز وجل، كذلك لا تقوم إلا بذاته العلية، فلا يلزمنا ما قلتموه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير